30 أكتوبر 2025
تسجيلفي التاريخ البشري نماذج من البشر جاءت في وقت مضى ثم تكررت وما تزال تتكرر، سواء كانت نماذج في الخير أو الشر على حد سواء.. لنأخذ اليوم نموذجاً ما زال يتكرر في كل زمان ومكان، هو نيرون، الديكتاتور المعروف. صعد الإمبراطور نيرون إلى عرش الحكم في الإمبراطورية الرومانية، وبدأ بالظلم والقهر، ومعه بدأت معاناة الشعب، بل لم يقتصر ظلمه على الشعب فحسب، بل امتدت يده لتبطش بأقرب الناس إليه، فقتل أمه ومعلمه "سينيكا"، ثم بعد ذلك قتل زوجته أوكتافيا، وقتل أخاه، وعدد من رجال الدين المسيحي الكبار يومئذ.ثم جاءت سنة 64 ميلادية ليدون التاريخ واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت فيه وهي حريق روما الشهير، حيث عمل نيرون على زيادة تعذيب الشعب فقام بإشعال النار في روما وجلس متفرجاً متغنياً بأشعار هوميروس ومستعيداً لأحداث طروادة، وأكلت النيران روما والتي استمرت لأكثر من أسبوع، أحرقت الأخضر واليابس ومعها أرواح البشر من رجال ونساء وأطفال. كلنا يدرك أن نهايات الظلمة أليمة في الدنيا قبل الاخرة، فما فعله بالناس أكثر إيلاماً وبشاعة من نهايته هو نفسه.. والله الذي يمهل لا يهمل، وسبحانه إذا أخذ الله الظالم لم يفلته وهذا ما حدث مع نيرون كمثال.. هذه نقطة أولى في مسألة الظلم.النقطة الثانية هي أننا من التاريخ نتعلم دوماً وهذا ما يجب أن يكون، هو أن كل ظالم تكون نهايته بثورة وإن اختلفت صورتها وشكلها ونوعها، فالطاغية نيرون كانت نهايته بثورة شعبية، حيث اجتمع العديد من الناس ورجال المملكة وقرروا عزل نيرون بأي ثمن، فتم لهم ذلك وعزلوه من بعد تقديم تضحيات كثيرة، وحكم عليه بالقتل ليس ضرباً بالسيف، بل ضرباً بالعصي.. وتقول بعض الروايات أنه أبى على نفسه أن يُقتل بيد شعبه فقتل نفسه، وقيل في روايات أخرى أنه أمر كاتم أسراره بقتله، وقيل أيضاً أن الجنود انقضوا عليه فقطعوه بسيوفهم إرباً، والمهم في الموضوع أن نهايته كانت أليمة ذليلة بغض النظر عن كيفيتها، وهي بعض ما يستحق من جزاء في هذه الدنيا قبل الآخرة.. وكان ذلك عام 68م. هذا نموذج لطاغية متجبر سيذكره التاريخ إلى يومنا هذا والى ما شاء الله، وليست المشكلة في هذا بل في تكرار النماذج وإصرار الطغاة السير على منهج من سبقوهم من النظراء المتجبرين، رغم اليقين في اللاوعي عندهم أن النهاية واحدة وأليمة، ولكن مع ذلك يظهرون هنا وهناك، لا يتعظون أو يعتبرون!!