12 سبتمبر 2025
تسجيلرفع نسبة تملك الأجانب أمر غير وارد في المرحلة الراهنةجاء قرار مؤسسة مورجان ستانلي بشأن النظر في تصعيد بورصات قطر والإمارات كما كان متوقعاً بالتأجيل حتى شهر ديسمبر القادم. وقد ورد في حيثيات الخبر أن المؤسسة تريد أن تختبر مدى جهوزية البورصة في تنفيذ العمليات بعد أن استكملت الإجراءات التنظيمية واللوجيستية التي تسمح للمستثمرين الأجانب بالتعامل المباشر معها. كما أن المؤسسة رغبت - على ما يبدو - في الضغط على الجهات التشريعية في الدولتين من أجل العمل على رفع نسب تملك الأجانب في أسهم الشركات عن المستويات الحالية. فمن الناحية اللوجيستية قد تكون الأمور مهيأة لدخول الأجانب إلى البورصة ولكنهم سرعان ما يكتشفون أن أبواب الشراء مؤصدة أمامهم في بعض الشركات لبلوغ نسب الأجانب السقوف المقررة. وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة نظر من جانب هيئة قطر للأوراق المالية ومن جانب الشركات كل على حدة، فإلى أي مدى ستوافق الشركات القطرية على زيادة تلك النسب؟.الجدير بالذكر أن القاعدة العامة هي أن تكون النسبة المسموح بها للأجانب 25%، وقد تم تجاوز هذا المستوى في شركات عديدة نذكر منها الأهلي؛ حيث يمتلك البنك الأهلي البحريني ثلث الأسهم، وبالتالي فإن الباب مقفل أمام دخول مستثمرين أجانب جدد، وهناك شركات تصل فيها النسبة نظرياً إلى 49%، مثل شركة السلام، وقطر وعمان، ولكن النسبة في الواقع أقل من ذلك. ومن جهة أخرى نجد أن نسب تملك الأجانب في 24 شركة من أصل 42 شركة مدرجة في السوق تقل فيها نسب الأجانب الحالية عن 10%، بل وتنخفض النسبة عن 5% في ثمان شركات منها حسب بيانات التملك المنشورة على موقع البورصة يوم 23 يونيو.ورفع نسبة تملك الأجانب عن الحد الأدنى في كل الشركات القطرية المساهمة أمر غير وارد في المرحلة الراهنة كما أشارت إلى ذلك تصريحات صحفية، ويبدو أن الاحتمال المرجح حتى الآن هو ترك هذا الخيار لمجالس إدارات الشركات وجمعياتها العمومية بما يتناسب مع ظروف كل شركة. والموضوع ليس سهلاً لاختلاف ظروف كل شركة عن الأخرى في النواحي التالية:1- أن الحكومة تمتلك حصة الأغلبية في عدد لا بأس به من الشركات الكبيرة مثل صناعات (70%) والوطني (50%)، وبروة(45%) والريان والخليجي(45% لكل منهما)، وكل البنوك التجارية الأخرى (20% في كل منها)، كيوتيل(55%)، وقطر الوطنية للأسمنت(43%)، قطر للوقود (40%)، والكهرباء والماء 42%)، وقطر للتأمين(12%). ومثل هذه النسب المرتفعة لا تترك مجالاً لزيادة نسب تملك الأجانب إلا إذا وافقت الحكومة عن التخلي عن جزء من حصصها، وذلك قد تكون دونه بعض المحاذير من قبيل عدم السماح للأجانب بتملك نسباً مرتفعة في أسهم الشركات الاستراتيجية كشركات البنوك والاتصالات وربما العقارات.2- أن بعض الشركات العائلية التي تحولت إلى شركات مساهمة مثل أزدان وأعمال والمناعي ترتفع فيها نسب التملك العائلية فوق 99% مما قد يعني عدم وجود نية أمام أصحابها لفتح الباب أمام شركاء مؤثرين قطريين، فما بالك بمستثمرين أجانب؟3- أن التخوف لدى بعض الشركات من رفع نسب تملك الأجانب يعود إلى احتمال تأثيره على تشكيلات مجالس الإدارة التي يغلب عليها الاستقرار لفترات طويلة جداً.4- أن بعض الشركات قد تكون لديها رغبة حقيقية في زيادة نسب تملك الأجانب إما بسبب انخفاض تلك النسب في الوقت الراهن، مع عدم وجود مراكز احتكارية في تشكيل مجالس إدارتها، أو لأنها تتطلع إلى زيادة التداولات على أسهمها بما يرفع أسعار تلك الأسهم في البورصة. المعروف أن ارتفاع أسعار أسهم الشركات يعكس نجاح مجالس إداراتها من ناحية، ويساعد تلك المجالس على اتخاذ قرارات استثمارية، وتوزيع أسهم مجانية على المساهمين بدلاً من توزيعها نقدية للاحتفاظ بالأرباح لدى الشركة، وفي الإقدام على زيادة رؤوس أموال الشركات عن طرق طرح أسهم جديدة للاكتتاب العام، من ناحية أخرى.وإذن ، فالموقف ليس واحداً في كل الشركات المساهمة، وتؤثر المصالح القائمة على القرارات التي يمكن اتخاذها بهذا الشأن، وقد يكون من المفيد أن تبحث مجالس الإدارات هذا الموضوع في اجتماعاتها القادمة حتى يتسنى لهيئة قطر الوقوف على التوجهات بشكل مبكر قبل ديسمبر القادم.وبعد، يظل ما ذكرت أعلاه رأيا شخصيا يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.