01 نوفمبر 2025
تسجيلالقيادتان القطرية و التركية تملكان مفاتيح الحل للوضع السورييروى أن ابن حلاق قد نجا هو واثنان من رفاقه من القتل على يد جنود الحجاج بن يوسف حينما أمر بمنع التجول في الكوفة بعد العشاء وأعطى الأوامر لجنوده وهو من هو في البطش والشدة والقتل المباشر لكل من يخالف أوامره المستبدة التي فرضت واقعاً مرعباً على كل العراقيين بدءاً من خطبته الشهيرة حين وضع العمامة وقال أيا أهل العراق... فلم يكن للناس حيلة آنذاك للخلاص من واقعهم الوضعي حيث لا إعلام فضائي يعول عليه في نقل معاناتهم مع حكم الحجاج أو حتى " فيس بوك " بين أيديهم كما لم يكن حلف الناتو بطائراته وأساطيله حاضراً ولكن التاريخ ظل يذكر للحجاج جبروته وتسلطه المكثف. ومرد ذكر الحلاق في مطلع المقال هو أن الحلاقين لا يكتفون غالباً بما يأخذون من شعور الناس وأموالهم ودمائهم أحياناً بل يمررون غالباً بعض الأفكار والآراء عبر الحديث مع زبائنهم. فما تقضيه من دقائق وأنت تسلم ذقنك أو رأسك كله لهذا المتمرس كفيلة بأن تغير بعضا من قناعاتك وبقوة أحياناً وإلا فكيف امتنع الحجاج عن قتل الشبان الثلاثة وهو من هو في البطش وسرعة التنفيذ وحدته سوى أن محدثه الذي أطربه شعراً كان ابن حلاق كما ذكرنا ولو كان الحلاق حاضراً بذاته بين يدي الحجاج تلك اللحظة لربما كافأه وأرخى له الكيس كما يقولون.لا أعرف كيف اجتمع في ذهني الحجاج والحلاق لحظة كنت أتسنم المقعد الوثير في ذلك الصالون الذي تحمل يافطته في أحد شوارع العاصمة السعودية الرياض " حلاق تركي " فكانت موجودات المحل تشعرك بأجواء حي تقسيم الشهير بفنادقه وجموع مرتاديه من السياح في وسط العاصمة إسطنبول فالصور لميدان مرمرة وجسر البوسفور المعلق وحتى الشاي التركي المميز كان حاضراً أيضاً في إبريقه واستكاناته التقليدية. غير أن ما يلفت النظر مستوى حديث الحلاق مع الزبائن كل حسب ميوله فأحدهم كان يتحدث معه عن الحسناء لميس ومسلسلها الرومانسي الشهير أما أنا فبحكم جهلي المزمن بالفن وأهله فقد تحدث معي في السياسة فقد كانت قناة التلفزيون التركية في المحل تعرض صور الزيارة الكريمة لسمو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والتي بدأها سموه إلى أنقرة يوم الجمعة الماضي في ظروف عربية صعبة ومقلقه خاصة فيما يتعلق بالشأن السوري وتداعيات الأزمة الاحتجاجية هناك. الحلاق بدوره توقف عن الحديث وكذلك عن العمل وحدق ملياً في الشاشة بتركيز قوي رافعاً صوت التلفزيون حتى إذا ما انتهت الفقرة الإخبارية تلك التي تبث خبر زيارة سمو الأمير حتى التفت إلي قائلا لو انصاع السوريون لتحذيرات تركيا المبكرة لهم لربما كانوا أكثر هدوءاً واستقراراً. أما عن زيارة سمو الأمير فقد قال إن الشعب التركي عموما معجب جداً بأمير قطر فلسموه جهود وتحركات إيجابية بشأن الأوضاع العربية والإسلامية عامة تتسم بالدينامكية والشفافية وتغليب المنطق والعقل لتحقيق مصلحة الشعوب دون تجاهل لحقوقها أو مصادرة لكرامتها لذلك يعول الشعب التركي خاصة سكان المناطق المتاخمة لسوريا في أن تثمر هذه الزيارة حلا للمعاناة المتفاقمة هناك فالقيادتان التركية والقطرية تملكان دون غيرهما من الدول مفاتيح الحل للوضع السوري فالدولتان تستشعران أهمية الاستقرار للوطن السوري ولهما علاقات دولية نافذة ومؤثرة تستطيع أن تكف الأذى والمزيد من العقوبات والنذر عن النظام السوري فيما لو استغل فرص الإصلاح وانصاع لمنطق العقل بعيداً عن لغة الخطابات الطويلة والمفرزنة والتي لا تحمل سوى الوعود بالحلول المتقطعة في مرحلة تشطب فيها الشعوب هذه المفردات من قواميسها. وبالفعل سمو أمير قطر من موقع مسؤولياته التاريخية وأمانته تجاه الأمة وقضاياها وتحديداً عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين السوري والقطري واللذين التقت إرادتهما في الكثير من المواقف لصالح قضايا الأمة. والآن حيث لا مناص من الموقف الناصح يحمل سمو أمير قطر مهمة الوفاء لشعب سوريا أملاً فيما يحفظ له الأمن والاستقرار والحرية والكرامة وصيانة أمن وطنه وفقاً لرؤى أطيافه وطموحات مستقبلهم. كان الحديث مع الحلاق التركي شيقا بينما استوقفتنا لاحقاً صور الفضائية التركية التي تبث الصور الملتقطة بالهواتف المحمولة لواقع الشعب السوري ومعاناته الآن فضحكنا جميعاً فقد عجز الحجاج عن كتم معاناة شعب العراق من حكمه فحملها التاريخ عبر مئات السنين دون تقنية أو فضائيات بينما إعلام دمشق يحارب الواقع بالجهل والكذب رغم أن ثقافة العالم أجمع توقن بأن حبل الكذب قصير دائماً[email protected]