12 سبتمبر 2025

تسجيل

الأنظمة العربية وديانة الإبادة

26 يونيو 2011

في الحطام المتناثر لأنظمة الاستبداد في الوطن العربي الذي خلفته الثورات العربية المجيدة من ناحية، واستمرار الأنظمة القمعية في قتل الشعوب وتدمير الإرادة الناهضة نمت ديانة جديدة هي ديانة إبادة الشباب والشيوخ والنشامى بلا هوادة، وبلا ضمير حي، أو عقل حالم أو وجدان حاني. الأنظمة العربية في ليبيا، واليمين وسوريا وغيرها، لا تؤمن بديانة السلم والسلام، وإلا لماذا بلغ عدد ضحايا وشهداء القمع المنظم إلى الآلاف، مع إصدار لم يبلغ مداه قتل الصراصير والحشرات الضارة؟ والأنظمة المستبدة لا تؤمن أيضا بأيديولوجية الديموقراطية وحقوق الإنسان.. ولهذا فإنها نظرت وتنظر إلى الجماهير الثائرة بأنها مجرد نباتات طفيلية يتوجب بترها وإزاحتها لكي تتيح لنباتات وأشجار الزقوم أن تترعرع وتنمو على حساب المواطن الثائر الذي يطالب بإزاحة الباطل من الأرض العربية العامرة. كما أن الأنظمة العربية الديكتاتورية لا تؤمن إلا بدك حصون الشرفاء دكاً دكاً.. وعوضاً عن ذلك استعاضت عن الشرفاء بفلول المنتفعين والفاسدين، ومروجي ديانة العنف والقتل المبرمج.. وتبعاً لذلك نمت طبقة جديدة في بيئات الفساد الخصيبة.. تمجد ديانة الإبادة الجماعية وتحتقر كل مبادرة جديدة ترنو إلى إعمال العقل، وإبصار الواقع الجديد لأمة ديانتها هي الإسلام السمح، والسلم المتسامي. إنها أنظمة سعت بكل السبل والوسائل إلى إنشاء الأوضاع الراهنة النتنة التي تزكم رائحتها أنوف الأحرار على حاضر ومستقبل الأمة الوارف، ولم يكن بمقدور الأنظمة المستبدة أن تستجيب لنداءات وتطلعات الشعوب المطالبة بإسقاط الأنظمة وإبدالها بأنظمة ديمقراطية تؤسس لإقامة نظام ترضيه الشعوب التائهة وإيجاد ملاذ آمن يحقق التداول السلمي للسلطة، وبسط الحريات، وإعلاء قيم العدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الإنسان المهترئة في كل شبر من أصقاع الوطن العربي المترامي الأطراف. وكان نتيجة لإدمان حكم الفرد، والحزب الواحد، والطغمة المنتفعة وسارقي قوت الشعب وإرادة الأمة، أن أصبح الصومال مضرب الأمثال للدولة الفاشلة.. وأضحى العراق بلا أفق، ولا مستقبل، ولا قياس.. وأمست ليبيا مهاداً صارخاً لحكم الفرد المتغطرس الذي ينوي الاستمرار في قتال شعبه ومن يناصرهم حتى يوم القيامة. وبات نظام العقيد صالح في اليمن بؤرة متقدة لإحراق الشعب باللظى الذي أحرقت ألسنته الملتهبة العقيد وفروة رأسه التي علاها الشيب. وفي رونق ظهيرة كل يوم يلقى العشرات حتفهم في سوريا، على يد قوات الأسد والشبيحة ومن سار في ركابهم. إنها ديانة الإبادة التي تمجد أصنام الحكم في الوطن العربي التي لا يسعفها بعد اليوم أن ترتدي مسوح التقوى لطرد الأرواح الشريرة.. إنها تقوى زائفة لا تقوى على إبادة الشعب بأكمله.. لأنه حتى ولو ظل طفل واحد على قيد الحياة فإنه سيهتف من أعماقه المكلومة "الشعب يريد إسقاط النظام".