17 سبتمبر 2025
تسجيلبدأ السيد إبراهيم رئيسي حياته المهنية في القضاء، لكن عندما تم تعيينه لتولّي إحدى المؤسسات الدينية في مدينة مشهد کمجمع وقفي ديني وثقافي واقتصادي ضخم يمكن القول إنه بدأ أول تجربة إدارية كبيرة له. أما عودته إلى السلطة القضائية ورئاسة هذه السلطة اتسع نطاق مسؤوليته في الأمور التنفيذية. في مرحلة جدیدة في حیاته المهنیة دخل مجال الإدارة التنفيذية على أعلى المستويات، فتولى رئاسة حكومة البلد الذي واجه العديد من الموضوعات والقضايا الداخلية والخارجية. هنا لا أنوي الدخول في مجال السياسة سواء الداخلية أو الخارجية، لكن دخول السيد إبراهيم رئيسي في مجال السیاسة وقبول مثل هذه المسؤولية رغم وجود منافسين أقوياء أمضوا حياتهم في السياسة والإدارة بدعم حزبي قوي كان قراراً صعباً. رغم أن المسؤوليات التنفيذية للرئيس الشهيد قبل فوزه بالانتخابات الرئاسية كانت مقتصرة على إدارة المجمع الوقفي من عام 2014 ومن ثم رئاسة الجهاز القضائي، إلا أنني هنا أريد أن أتحدث عن سمة عنه كانت واضحة جداً فيه ويحظى بالاحترام وزادت ثقة الناس به ورغبتهم فيه يوما بعد يوم. والكلمة الرمزية لإبراهيم رئيسي للوصول إلى قمة العزة والشرف وخلوده في تاريخ إيران هي «الخدمة»، خدمة الشعب كأصحاب السلطة الأساسيين. کان معظم اهتمامات السيد رئيسي تهدف إلى تسهيل حياة الناس، لدرجة أن تلك التصرفات أدت في بعض الأحيان إلى انتقادات ولكن رئيسي باعتقاد راسخ لم يصرّح أبدًا بأنه منزعج من تلك المواقف والافتراءات. خلال رئاسته للسلطة القضائية كان تركيزه على مكافحة الفساد الاقتصادي ومحاولة إرساء العدالة لدرجة أنه وجد معارضين لمكافحته في ملفات مختلفة لكنه لم يتخذ قراراً بتغيير مساره. كان من أهم اهتماماته في تلك الفترة إعادة تشغيل المجمعات الإنتاجية المغلقة مع التركيز على استيفاء حقوق العمال ورسومهم وإرساء العدالة بغض النظر عن الهوامش والشائعات. وأخیرا أصبح رئيسي رئيسا للسلطة التنفيذية بتصويت الشعب، منصب يمكن أن يغير شخصية البعض وطبعهم، لكن يبدو أنه حتى في ذروة سلطته لم يكن يرید التغيیر أو الانتقام! رئيسي فتح المجال أمام جميع المتعاطفين والخبراء من كل الأذواق والأحزاب للانضمام إلى قافلة الخدمة. لقد كرس السيد إبراهيم نفسه لخدمة الشعب وكان قلبه مليئا بالحب للشعب. أطلق رئیسي على حكومته «الحكومة الشعبية» ووصف نفسه بـــ«خادم الشعب». إبراهيم رئيسي رغم أن لا أحد يعتبره رجلا سياسيا لا في الداخل ولا في الساحة الدولية، إلا أنه قدم معنى مختلفا للسياسة. لم يهمل حال الناس في أنحاء البلاد يوما واحدا؛ سواء في الكوارث الطبيعية أو في القضايا والمشاكل الاجتماعية والسياسية. كان همه حل مشاكل الناس بأي طريقة ممكنة، وكان يعتبر أن درجة النجاح الوحيدة هي البسمة التي ترضي الناس، بغض النظر عن التعليقات والافتراءات السياسية. وفي مجال العلاقات الخارجية، أعطى الأولوية لتعزيز العلاقات الأخوية مع دول الجوار وخفض التصعيد وتعزيز العلاقات مع دول المنطقة على أساس مبدأ الاحترام المتبادل، ولم يتنازل لحظة عن مبدأ الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم وفلسطين الحرة المستقلة. كانت تصرفات الرئيس الشهيد تحمل لون الإخلاص والرغبة في الخدمة وليس السياسة والمعادلات التقليدية. وكانت النتيجة العزة التي وعد بها الله. دعا الملايين من القلوب المنكسرة من أجل صحته وعندما سارع للقاء ربه، نزلت ملايين القلوب المليئة بالحزن إلى الشوارع لتشییع خادمهم وإظهار تقدیرهم. «فَاَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفاءً وَأمَّا ما یَنْفَعُ النَّاسَ فَیَمْکُثُ فِی الْاَرْضِ کَذلِکَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْاَمْثالَ». افتتح إبراهيم رئيسي فصلاً جديداً في نهج العلاقات الإيرانية مع المنطقة والعالم، وكان الحضور الكبير لرؤساء ووفود دبلوماسية أكثر من 60 دولة في مراسم تشييع جثمان شهيد الخدمة بمثابة علامة نجاح في نهج سياسته في «الخدمة» بـ»الإخلاص». وفي النهاية أرى أنه من الضروري أن أتقدم بالشكر لدولة قطر الصديقة والشقيقة على تعاطفها مع الشعب الإيراني في هذا الوقت الحرج وزيارة أمير دولة قطر للتعبير عن تعاطفه مع الشعب الإيراني وأدعو من أجل استمرار هذه الأخوة.