18 سبتمبر 2025
تسجيلسحرة فرعون الذين تحدثنا عن جزء من قصتهم بالأمس، وفي مشهد دراماتيكي يتحول أولئك السحرة من أعماق الكفر والضلالة إلى قمة الإيمان والشهادة، الأمر الذي أربك الحاكم بأمره يومها، وأفسد المشهد كل مخططاته، وكذلك هو حال كل طاغية متكبّر جبار.. يعتقد ويؤمن بأمر، فإذا به يجد في لحظة معينة، أمراً يفسد عليه حياته وكل مخططاته أو أمنياته الباطلة.مناسبة الحديث عن السحرة مع فرعون هو تكرار ظهور أمثالهم بصورة وأخرى، مع فرعون وآخر، وتمكن ملاحظتهم عبر ذاك التزلف أو التقرب الشديد نحو صاحب نفوذ أو سلطة ما أو صاحب بأس، ليس خوفاً ورهبة، ولكن طمعاً فيما عند أولئك من مباهج الدنيا أو كما يعتقدون ويحلمون، وإمكانية أن ينتج عن تزلفهم هذا الحصول على بعض تلك المباهج، سواء بانت رغباتهم فيها بشكل مباشر كما فعل السحرة مع فرعون، أو بصورة غير مباشرة.يرى المتزلف مثلاً أن الأمور حوله تسير لصالح الشخص الذي يرغب في أن يتزلف إليه أو ينافقه، سواء كان مسؤولاً أو زعيماً أو ما شابه، فيقرر سريعاً بينه وبين نفسه وهو على تلك الحال، إما أن يسير في فلك هذا الشخص أو الابتعاد عنه، وهو يدرك ما يعني الدوران في فلكه أو الابتعاد عن ذلك. فالدوران في فلك المسؤول أو الزعيم بحق أو بدون حق، يعني مكاسب دنيوية قد يكسبها مباشرة أو بصورة غير مباشرة، فيما التوقف عن ذاك الدوران يعني العكس بشكل كبير.الجميل في سحرة فرعون، مع ما كانوا عليه من طمع وغرور كبير وشعور بأمان زائف بسبب دورانهم في فلك فرعون، هو ذاك التحول السريع إلى الحق حالما رأوه بأم أعينهم، دون أدنى وجل أو خشية من الطاغية، تاركين كل ما كانت نفوسهم تتوق وتتطلع إليه من مباهج دنيوية عند فرعون يومها.. وهو أمر قد يعتقد المتأمل فيه أنه سهل، فيما الواقع أنه صعب غير يسير إلا على من يسّره الله عليه، لماذا؟الجواب عن هذا، هو موضوع الغد، إن شاء الله.