11 سبتمبر 2025
تسجيلكلمة تخرب بيت، كلمة تفتح بيت، كلمة ترفعك فوق النجوم، وكلمة تهوي بك إلى سابع أرض، كلمة تجمع حولك القلوب لتبادلك وداً جميلاً، وكلمة تبعد عنك الناس عمراً طويلاً، كلمة توزن بميزانك يوم العرض فتنجيك، وكلمة وزنها لسوئها يشقيك، كلمة تسقط حاكما، وكلمة تولي حاكما، كثيرا ما لا نعطي للكلمة حقها غير مكترثين بما تفعل الكلمة من أهوال! كثير هو الكلام أما الصمت فقليل رغم أنه كثيراً ما كان من ذهب! الصمت قليل، رغم أنه عاصم من الزلل، والعلل، والندم، والخطأ، والاعتذار، والعتاب، والحساب، والعقاب، الثابت أن الصمت بضاعة كاسدة إلى جانب الكلام الذي يتكاثر كالفطر في كل الأمكنة، البعض يسميه (الرغي) الذي ستجده دوما مقروءاً أو مسموعاً أو مرئياً، مجاميع تحتل ساعات البث لكي تزعج أذنك بكلام لا يشفع ولا ينفع، يحتل (الرغي) أماكن كثيرة ستجده في استراحة الدخول إلى الطبيب، وفي صالات انتظار الطائرات بالمطارات، في المكاتب، على المصاطب، حتى في أي سرادق عزاء الرغي مستمر ولو دققت في نوع الكلام مثلا في مجلس عزاء ذهبت إليه لعمل الواجب لتملكتك دهشة كبيرة وأنت تسمع أخباراً عن التنزيلات، والرحلات لبلاد بره، وزواج فلانة، وحفل زفافها وشبكتها، (والعمل المعمول لفلتانة) حتى لا تتزوج، والزوج البصباص المضبوط مع الخادمة، قضايا الخلع، مشاكل الخادمات، وكلام على استحياء عن الميراث الذي تركه (المرحوم) ونصيب كل واحد كام؟ ستدهش لتجاهل حاضري العزاء لصوت المقرئ الذي يجتهد في التذكير بيوم لقاء الله وهول عذابه بصوت فيه من الخشوع الكثير وكأنه يُذكر ناساً في المريخ! يظل الكلام الخالي من الإثمار يرافقنا لا نتنازل عنه حتى ونحن في سياراتنا لدقائق في مشاوير صغيرة يلتصق الموبايل بآذاننا لنحكي، ونسمع حكي، رغم علمنا بغرامة سندفعها صاغرين، (ما يخالف) غرامة تفوت ولا حد يموت!! عالمنا العربي الوسيع الجميل مغرم بالكلام والرغي المطول بغض النظر عن (إنتاج) هذا الكلام، في الوقت الذي يستهلكه آخرون في العمل، كل هذه الخواطر زارت رأسي وأنا أقرأ أن درجة حرارة الأرض في ازدياد، وأنها قد تصل بعد عقود لحالة (الحمى) وسيرافق هذا أهوال لا قبل لنا بها إذ ستذوب طبقات الجليد في القطب الجنوبي والذي سيسهم في ارتفاع منسوب البحار بمعدل غير مسبوق! مدير (ناسا) يقول وصلنا إلى نقطة اللاعودة، بعض الوقت يفصلنا عن ذوبان هذه الأنهار الجليدية بالمحيط! أقرأ الخبر، واستدعى (الرغي) العربي لمليارات منا، يعلكون الوقت بكلام (خالي الدسم) أتصور بلاداً ستختفي تحت الماء، استشعر رهبة والخبر يؤكد على أننا نشهد تراجعاً في الكتل الجليدية غير مسبوق ويحدث هذا التراجع بمعدل كيلو متر سنوياً، خوفي يجعلني أتساءل هل انتبهنا للخطر القادم؟ هل احتاط أولو الأمر لثورة الطبيعة المهولة التي ستجرف كل ما تقابله وتردم دولاً بناسها؟ هل لدينا وقت ونحن المشغولون بالحروب الأهلية، الغارقون في الديون، المطحونون بالأمية والمرض، المتشاكسون، المتفرقون، هل لدينا وقت لنفكر في ثورة اجتياح الماء لنا؟ هل لدينا وقت لنفكر فيه أبعد من أنوفنا أم أن القاع موعدنا؟ * * * طبقات فوق الهمس* أنا اعتذر له؟ ولا يمكن، (هو مش عارف أنا مين)، انت مين لا مؤاخذة؟ لو انتبهت إلى نفسك بيولوجياً فأنت تكوين يمشي على قدمين يحمل نفايات لو لم تتداركنا رحمة الله بالماء لقتلتك رائحة مخرجاتك! أنت مين لا مؤاخذة؟، وزير؟ سفير؟ مشير؟ مدير؟ كبير كبير؟ ولو، كل الصفات السابقة بكل ما تحوز من مكانات مرموقة لا تتنافى مع وجوب اعتذارك إن أخطأت في حق أي إنسان كان، تساوى معك أو كان دونك، في البلاد المتقدمة مثلاً يستقيل وزراء من مناصبهم كشكل من أشكال الاعتذار عند وقوع أحداث جلل تؤذي المجتمع لأنهم يعتبرون أنفسهم مسؤولين ولو أدبيا عما وقع، أما في عالمنا العربي الجميل فتحترق الدنيا والمسؤول الكبير الكبير (ولا على باله، على قلبه مراوح)، مطلوب جدا أن نتعلم ثقافة الاعتذار، مهم جدا أن نفهم أن الاعتذار ليس خوفا، ولا ضعفا، ولا تنازلا، وقلة حيلة، ولا مسا بالهيبة، مطلوب أن نعي كبارا كنا أو صغارا، منتفخين بأرصدتنا أو (كحيانين) في مراكز (تخض) أو مواقع متواضعة مطلوب أن نعي أن الاعتذار خلق نبيل يتحلى به إنسان جميل. * * * في قاهرة المعز* يعلو صوت بأمر الشعب السيسي هو الرئيس، يقاطعه آخر لن ينصلح حال مصر إلا بخروج السيسي من المشهد، ثالث، السيسي هو المخلص، رابع مطلوب محاكمة السيسي، تتشابك الأصوات المتضاربة بين مؤيد ومعارض، بين (انزل)، و(اطلع)، و(انتخب)، و(قاطع)، ومع الشارع الذي يمور اليوم، ويفور كل ما نرجوه سلامة الوطن العزيز مصر.. حفظ الله مصر.