29 سبتمبر 2025

تسجيل

أسرار القيام

26 أبريل 2022

ذات يوم وانا اشكو من حظي المتعثر وعدم استقامة اموري والأرق الذي يصيبني من جراء ذلك متفاعلة في حديثي والدمع في عيني يأبى الخروج، وأحبالي الصوتية تخنقني وأمي في لحظة صمتي وانهزامي قالت "كلما اشتدت عليك الأيام ورحل عنك النوم فأذني بقيام الليل للدخول معك في معترك الحياة"، تقول "صلي ركعتين في جوف الليل"! تكررها " ركعتين فقط"! مشيرة بأصبعيها السبابة والوسطى، تسويق منها لشراء هذه النصيحة. لتكمل "وكل هم بعدها زائل ان شاء الله". جاءت اللحظة التي قررت تجربة هذه الوصية. اسحب قدماي من الفراش سحبا نحو المغتسل، جسمي مثقل بالهموم والأرق في جسدي يأبى الاستسلام، الا ان برودة الماء أيقظت حواسي كاملة ومازال عقلي بشيطانه يحدثني انني بالوضوء سأقضي على النوم قضاء لا مرد له وأكون بذلك قد فتحت بابا للأرق بالصمود. ما ان انهيت الوضوء زال شيئ من ثقل الجسد، فرشت السجادة واتجهت نحو ستائر النافذة اجر جزئاً منها لآذن بأضواء السماء بالدخول لغرفتي، كي ابدد شيئا من الظلام الذي طمس معالمها. استوقفني جمال السماء، نجوم بضوء خافت وبدر بالجوار على وشك الاكتمال، صمت روحاني يعم المكان؛ هذا الجمال الكوني يستحق التأمل ولو لعشر ثوان من كل ليلة فكم تجنبنا او لم يخطر ببالنا أن نتأمل السماء في جوف الليل. عدت الى السجادة، نحو مكة قبلتي مكبرة لرب الكون. تعمدت قراءة سورة المزمل في الركعة الاولى والآية 22 الى 24 من سورة الحشر في الركعة الثانية. انتابني شعور بالنشوة الروحية أسرتني في تلك اللحظة شعرت بسعادة تغمرني دون سبب تلك الهموم التي اثقلت كاهلي لم تعد سوى ضباب قادرة ان ازيحه بيدي. بعدها عدت الى الفراش وفي يدي سبحة استغفر بها. انهيت الاستغفار استلقيت وبدأت في التفكر ففي سور المزمل يوصي الله نبيه الذي حمل امانة كانت قد عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وبلغ رسالة ختمت رسائل النبوة واستقامت أمم من بعده من عقب جهالة، يقول رب العزة مخاطباً النبي الكريم “قم الليل إلا قليلا" لابد من سر في القيام إذا انه وبالرغم من انشغال النبي بأداء الرسالة والدعوة الى الدين وما تخللته تلك الفترة من صعاب وحروب وفتوحات فقد كلف بالقيام والذي خيرنا نحن من بعده لأدائها كنافله وليس كواجب. *هناك طاقة ستغمر النبي من بعد القيام ليواصل المسير نحو ما كُلف به. *هناك قلب مطمئن سيصحب النبي من بعد القيام، ليتجافى العقبات النفسية والجسدية التي ستواجهه في المسير. *هنالك عزيمة تشبه تلك العزيمة التي أيقظت النبي للقيام من بعد نوم قليل. " قم الليل الا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا" *هنالك خيارات كثيرة وجدول زمني متاح تم طرحه للنبي الكريم لينتقي منها ما يتناسب مع كل ليلة من مهام، فما بالنا نحن ولم يحملنا الله ما لا طاقة لنا به نتجنب القيام وهموم الدنيا بتفاهتها تنغص علينا الحياة.