12 سبتمبر 2025

تسجيل

اغتيال حضارتنا من داخلها

26 أبريل 2014

على الرغم من أن جيش إبراهيم باشا قد تمكن من هزيمة الجيش العثماني واستطاع أن يستكمل سيطرته على الشام إلا أن العثمانيين قد تمكنوا من إثارة الأهالي ضد إبراهيم باشا مستغلين العديد من الأسباب سواء كانت دينية أو اقتصادية خصوصا بعد أن ضيق إبراهيم باشا الخناق على المسلمين في حين منح حريات واسعة للنصارى واليهود، وانتهى الأمر بعقد اتفاقية لندن سنة 1840م، التي حددت الوجود المصري – لوالي مصر – في الشام بحياة محمد علي. إن مراحل احتلال قوات محمد علي للشام أكدت اتجاهه المعادي للمسلمين والمساند للنصارى واليهود، وأكدت أيضا أنه كان منفذا للأهداف البريطانية على الصعيد السياسي وكان منفذا للأهداف الفرنسية على الصعيد الثقافي في بلاد الشام.لقد فتح إبراهيم باشا الباب على مصراعيه لدخول البعثات التبشيرية الفرنسية والأمريكية، وألغى كافة القوانين الاستثنائية وجميع ما كان يسري على النصارى وحدهم، ويعتبر بعض الكتاب أن عام 1834م، عام تحول تاريخي حيث عاد اليسوعيون، وتوسعت البعثات الأمريكية، وتم نقل مطبعة الإرسالية الأمريكية من مالطة إلى بيروت، وأسست مدرسة للبنات في بيروت على يد "إيلي سميث" وزوجته، وزودت بعض الأديرة بمطابع أخرى في إطار حرص الدول الأوروبية على حصر المطابع في يد المسيحيين فقط حتى تتمكن من تحقيق أهدافها في ظل عجز المسلمين عن امتلاك وسيلة التعبير عن آرائهم أو نشر أفكارهم في هذا المجال.لقد كان دخول جيوش محمد علي باشا إلى الشام نقطة انطلاق لدور المبشرين، وأنه لولا وقوف ابنه معهم لبقيت عقولهم مشلولة وأفكارهم آسنة، فقد تمكنت كلية "عين طورة" التي أعيد افتتاحها – والتي مازالت قائمة لحد الآن – من القيام بدور كبير في تكوين كوادر من الكُتَّاب والمفكرين، وفي نفس الوقت طبق سياسة تعليمية بين المسلمين كان الهدف منها الدعوة إلى القومية بين أهالي الشام.