14 سبتمبر 2025
تسجيلوصولاً إلى اقتصاد وطني قائم على المعرفة ويوفر فرصاً للمواطنين.. مع ازدياد عدد السكان بشكل كبير أصبحت الحاجة ملحة لتقليل عدد الوافدين والعمالة مهما كلف الثمن نحتاج إلى وزارة للبنية التحتية والتخطيط الاستراتيجي للحفاظ على بنية المجتمع وثوابته ورؤيته قضية شائكة تستحق منا وقفة، ليست ككل الوقفات السابقة. ذلك أن مثل هذه القضية المطروحة عبر هذا المنبر تحتاج إلى تضافر الجهود في الدولة من ناحية، وجهود الإعلاميين والكتاب والصحفيين من جهة أخرى. وأعتقد أن الكثير منا تهمه مصلحة وطنه قبل كل شيء. والأهم من ذلك أن الآثار السلبية للتركيبة السكنية أصبحت الشغل الشاغل للجميع دون استثناء، بسبب تفاقمها بشكل لافت للنظر في الآونة الأخيرة . مع مرور الوقت قد لا نشعر بأهمية التحذير من تفاقم قضية التركيبة السكانية وازدياد عدد العمالة الوافدة، وكذلك عدد الوافدين والأجانب الذين تتسارع أرقامهم في الصعود لنسبة كبيرة لا نشعر بها في الوقت الراهن. وقد تكون عواقبها وخيمة على التنمية والهوية الوطنية، وكذلك في التسبب ببعض الآثار السلبية في التكوين الثقافي والتربوي. التركيبة السكانية لأي مجتمع من المجتمعات تحتاج من المسؤولين في الدولة وضع سياسة جديدة واستراتيجية بعيدة المدى، من خلال العمل على كيفية زيادة عدد السكان المواطنين أولا، ومن ثم تفعيل هذه السياسة والاستراتيجية الوطنية المدروسة لتلاشي أية آثار سلبية مستقبلا . ومن هنا فلا بد من وضع سياسة وطنية مدروسة للحفاظ على التركيبة السكانية من الاختلال ومن ضياع الهوية بشكل واضح. يشارك فيها جميع الأطراف داخل المجتمع من سياسيين وتنمويين وأكاديميين ومثقفين وقانونيين وغيرهم. ففي إحدى دول الخليج – مثلا – تم التأكيد على أهمية وضع استراتيجية للحد من اختلال التركيبة السكانية، من خلال العمل على وضع اهتمام الدولة في المقام الأول والسعي للحفاظ على الهوية الوطنية قبل كل شيء، وهو ما أقره كبار المسؤولين في هذه الدولة . ومن ذلك العمل على تحقيق الآتي "وهنا نقتبس للفائدة": أولا: التعامل مع تحدي التركيبة السكانية يمثل إحدى الأولويات الوطنية والموجهات الأساسية في عمل الحكومة، وإن توجيهات الدولة بهذا الخصوص واضحة، وهي العمل على تمكين المواطن، وجعله المحور الرئيس في عملية التنمية، من خلال وضع وتنفيذ منظومة متكاملة من المبادرات والسياسات الحكومية المنسقة والهادفة لتحقيق التوازن السكاني في الدولة، بالتوازي مع تنمية شاملة يستفيد منها المواطن في كافة أرجاء الوطن. ثانيا: اتخاذ مجموعة من القرارات السيادية الرئيسية، وتكليف كافة الجهات المعنية بوضعها موضع التنفيذ، حيث تضمن القرار الأول تحديد مستهدفات واضحة لنسبة المواطنين خلال العشرين عاما المقبلة عن طريق مجموعة من السياسات والمبادرات الاقتصادية والاجتماعية المنسقة، وذلك وفقا لسيناريوهات النمو الاقتصادي والديمغرافي المتوقعة خلال السنوات العشرين المقبلة، حيث ستهدف جميع السياسات السكانية خلال الفترة المقبلة إلى تحقيق هذه المستهدفات . ثالثا: توجيه جميع الجهات المعنية بالتخطيط الاقتصادي، ومتابعة القوى العاملة في الدولة باعتماد نمط تنموي متوازن يتسم بالتنوع الاقتصادي والاعتماد على العمالة الماهرة والتكنولوجيا الحديثة في دورته الإنتاجية، وصولا إلى اقتصاد وطني قائم على المعرفة يوفر فرصا للمواطنين، ويلبي احتياجاتهم التنموية وفقا لتوجيهات القيادة التي جعلت المواطن محورا للتنمية وهدفا لها . رابعا: اعتماد صندوق يسمى صندوق تحسين الإنتاجية يهدف إلى تحفيز القطاع الخاص على تحسين إنتاجيته، عن طريق اعتماد التطورات التقنية والتكنولوجية وتوفير العمالة الماهرة والمدربة لشركات القطاع الخاص، ويتبع الصندوق المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية ويقوم رئيس المجلس باعتماد صلاحياته ونظامه الأساسي. خامسا: الحد من الاستقدام غير المنظم للعمالة الوافدة محدودة المهارة والاستعاضة عنها بالتوظيف من داخل الدولة، واستقدام عمالة عالية المهارة استنادا للشهادات المهنية والتعليمية المعتمدة، ويستثنى من هذا القرار العمالة المنزلية أو أي فئات أخرى يحددها المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية في الدولة. سادسا: إيجاد البديل المناسب لتوفير العمالة الماهرة لسوق العمل عن طريق إنشاء مراكز خارجية لاختبار وتدريب العمالة في البلاد المصدرة لها، وبدون تحميل أصحاب العمل أية تكاليف إضافية، وذلك عوضا عن الاستقدام غير المنظم للعمالة في الوقت الحالي . سابعا: وصولا لتقليل العمالة غير الماهرة في قطاع الإنشاءات الذي يعد أكبر مستهلك لهذا النوع من العمالة في الدولة، يتم توجيه الجهات المعنية بوضع مؤشر عام للإنشاءات يتضمن مجموعة من المعايير الفنية للتصاميم الإنشائية التي تضمن تحسين الإنتاجية في هذا القطاع، والتقليل من العمالة غير الماهرة وفقا لضوابط تساعد شركات المقاولات على استخدام التقنيات الحديثة في هذا القطاع . ثامنا: توجه الجهات المعنية بسوق العمل بوضع حد أدنى للمؤهلات المطلوبة لشغل بعض الوظائف والأعمال المهنية والحرفية، والبدء في ذلك بقطاع الإنشاءات واعتماد هذه المؤهلات بهدف الوصول لسوق عمل يعتمد على العمالة الماهرة والتقنيات الحديثة. تاسعا: وضع سقف عددي للعاملين في بعض الحرف والمهن الهامشية أو أي مهن أخرى، يمكن الاستعاضة عنها بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة على أن تحدد هذه الأعداد بشكل سنوي ويتم تعديلها حسب الحاجة . عاشرا: أهمية تضافر كافة الجهود المحلية والقطاع الخاص من أجل إنجاح هذه المبادرات والعمل بروح الفريق الواحد لما فيه خير الوطن والمواطن . ** كلمة أخيرة: لابد من العمل على إيجاد قرارات سيادية للحد من اختلال التركيبة السكانية في دولنا، لتفادي العواقب والآثار السلبية التي تحدق بنا اليوم، حفاظا على تركيبتنا السكانية من الاختلال وضياع الهوية، والقضية لا تخص دولة بعينها بل تخص كل دول الخليج .