23 سبتمبر 2025
تسجيللقد بات كل امرئ في هذا العالم في حيرة وغموض شديدين إزاء ما يجري في المشهد السوري الدموي اليوم عموما، مع أن الأمر فيما نعتقد – إذا أعملنا النظر والتأمل – ليس بحاجة إلى هذا الشرود وذاك الضياع، إذ من المتعارف عليه بين البشر أن الإنسان عدو ما يجهل ولذلك فإنه يحار في التعامل مع كل ما لم يفهم أو يطلع عليه، أما السوريون المتابعون وأصحاب الضمائر الحية النظيفة منهم ومن غيرهم فبأدنى منظار يوجه نحو ما يحدث فإنهم يدركون تماماً أن نظاما فاسدا دام أكثر من أربعة عقود من الزمن لا يحكم البلاد والعباد إلا بالحديد والنار وبث الفرقة بين الجماهير ونشر الذعر الأمني والتجسس المتعمد عبر الاستخبارات التي تتابع حتى فنجان القهوة الذي يحتسيه السوري منذ الصباح ويوقن هؤلاء وأمثالهم أنه منذ انطلقت الثورة المباركة قبل عام والسفاهة لا الرشاد هي سيد الموقف في التعاطي مع شداة الحرية والكرامة والعدل بكل كبر وغطرسة وغرور وباسم الوطنية التي لم يذوقوها أبدا بل حكموا التمييز والطائفية المقتصرة على العائلة الحاكمة ومن يدور في فلكها أي أن الظلم قد غطى حتى على من هم من طائفتهم العلوية نفسها والدليل أن كل من يعارض فيهم ليس له مأوى إلا القتل أو السجن أو النفي والأمثلة في هذا كثيرة، فما بالك بعد ذلك بالطوائف الأخرى وخصوصا السنة الذين يشكلون الأغلبية. إننا نقول ذلك بعد أن صرح وزير الخارجية الروسي لافروف بتخوفه من أن يحكم السنة سورية إذا سقط نظام الأسد العلوي، ويالله من سخافة هذا الميكيافيلي الحاقد على جماهيرنا البطلة مع زمرته التي لا تؤمن إلا بالكذب والسفاهة والعداء للمظلومين، إن الثورة السورية ذات توجهات معروفة للداني والقاصي وتصر على السلمية ودولة المواطنة والقانون والتداول السلمي للسلطة والبعد عن أي انتقام بعد السقوط اللهم إلا محاسبة المجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء المدنيين وتم انتهاك حقوقهم المقدسة العامة أو الخاصة، وماذا ينفع لافروف ترديد رواية النظام الممجوجة كالببغاء دون أن يحركه ضمير إنساني هو وأبواق الإعلام لديه حيال هذه الفجائع والفظائع التي فاقت كل تصور من القتل والجرح والتمثيل والخطف والاعتداء على النساء والأطفال والشيوخ وحرق المنازل بمن فيها والذبح بالسكاكين بكل طائفية حاقدة، إن كل أعمى البصر والبصيرة من أمثال هؤلاء لن يزيد النار إلا اشتعالاً ومن كان عديم الرحمة وتاريخه القديم والحديث يشهد بذلك ماذا يمكن أن نتوقع منه، إن أسلوب اللف والدوران لإخفاء حقيقة المصالح لروسيا في سورية لن يفيد فإن شعبنا البطل قرر الزحف، ومواصلة النضال، ولابد بإذن الله أن يكون سيد الحلبة عاجلا أو آجلا ونذكر لافروف وعصابته بهزيمتهم خائبين في مستنقع الأفغان فإذا فاضت أفواه الجهال بالسفه فلا غرابة في ذلك وهو إذ يصطف مع معسكر القتلة السفاحين ظانين أن السفيه قادر على ارتكاب كل شيء كما يقول فولتير فإن سنة الحياة وتجارب الشعوب تدل تماما على أن الحق والحرية في الميزان أثقل وزنا من سفاهة السفهاء وأن السلاح الظالم عدو صاحبه وأنه إذا كان سلاح الضعفاء – كما يقولون – الشكاية وهو ما جهر به الأحرار في بداية الاحتجاجات فإن إصرار النظام على العنف هو الذي يعطينا الجواب أنه لا يولد إلا مثله ولكن شتان بين من يقتل عامدا وبين من يحمي نفسه من العدوان، وشتان بين الجيش النظامي الذي يحمي الأسد بدل أن يحمي شعبه وبين الجيش الحر المبارك الذي يدافع عن المتظاهرين السلميين ويحمي بيضة الوطن والمواطن من المحتلين الخونة ولكن كما قال جميل صدقي الزهاوي: وكل حكومة بالسيف تقضي فإن أمامها يوما عصيبا نقول ذلك رغم التآمر أو التهاون الدولي بل والعربي والإسلامي المعلن بصمت أهل القبور أمام قذائف الموت والتصفية الجماعية للبشر السوريين الذين هم إخوان في الإنسانية أو الدين والعروبة للجميع اللهم إلا من وقف معنا من الشرفاء، ونحن على يقين راسخ أيضاً أن الصهاينة واللوبي المتحرك باسمهم في أمريكا والغرب وروسيا هو الحجرة العثرة أيضا في المحافظة على إبقاء النظام السوري المهادن له منذ أربعة عقود وفي دفع العنف ليدمر البلاد والعباد وينهك الشعب ليتنازل ويقبل بالمساومات السياسية إلا أنه يعلن أن الأبطال لا يموتون إلا وهم واقفون ولابد من التضحيات لتحرير فلسطين وسورية المحتلتين من أعداء لا يرقبون في حر إلا ولا ذمة، وماذا عسانا أن نعبر ونحن نرى اليوم كوفي أنان متحركا بين دمشق وأمريكا والغرب وروسيا لحل الأزمة مع وحوش طائفية غادرة بلغت كل فنون الجنون في إفناء البشر والشجر والحجر والحيوان بأطواق عسكرية جبانة وبقصف عشوائي لئيم على درعا وحماة حتى تهدم جزء كبير من قلعة المضيق الأثرية فيها وعلى ادلب وسراقب التي دمرت فيها المشافي الميدانية، وعلى حمص الشهيدة وخاصة القسم القديم منها، حيث يجول الموت في كل شبر، وفي العاصمة دمشق الصامدة وحلب وريفها وخصوصا أعزاز البطلة وخلاصة الكلام أن الشعب السوري البطل سيواصل ثورته مهما بلغت التضحيات وأن الخوف من المجهول لن يرعبه فإن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم، كما قال علي رضي الله عنه. [email protected]