11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); دعونا بداية الاعتراف بأن العالم الإسلامي يعاني من أزمة خطيرة، وأنه يشهد في الوقت الراهن واحدة من أخطر الأزمات التي مرّ بها منذ الحرب العالمية الأولى، حيث توجد حالة من الفوضى، والاقتتال، والإرهاب، والأزمات المتراكمة، في جميع البلدان، من المغرب إلى باكستان، ما خطب العالم الإسلامي؟ ولماذا يعيش مثل هذه الأزمات المتفاقمة والمزمنة؟ سياسات ومشاريع عدم الاستقراربدأ العالم الإسلامي يقف في مواجهة مجموعة من مشاريع، تهدف إلى زعزعة استقراره، وإجهاض مسيرته التنموية، وذلك في أعقاب انطلاق مرحلة الربيع العربي، حيث تكاتفت جهود دولٍ غربية، مع عناصر كانت تهيمن على السلطة قبل مرحلة الربيع العربي، إضافة لرؤوس أموال دوليين وأعوان لهم في المنطقة، من أجل تحقيق تلك المشاريع، خاصة أن المصالح الصرفة تشكل الرابط الوحيد الذي يلمّ شمل تلك العناصر، كما أن نشر حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، تيسر لتلك الأطراف تحقيق قدر أكبر من المكاسب، وفرص أكبر من أجل المحافظة على المكاسب المحققة. لقد باتت بإمكاننا رؤية الآثار الناتجة عن مشاريع زعزعة الاستقرار وإشاعة الفوضى، في رقعة كبيرة من العالم الإسلامي، تمتد من اليمن حتى المغرب العربي. أنشطة زعزعة الاستقرار في تركيالقد تأثرت تركيا بمشاريع زعزعة الاستقرار في المنطقة بشكل مباشر، وهي تخوض حتى هذه اللحظة، صراعاً مريراً ضد تلك المشاريع، التي حاولت عبثاً إجهاض مسيرتها التنموية، من خلال افتعال ما عرف باسم أحداث "غيزي بارك" (مايو 2013) وسط إسطنبول، ثم من خلال حملة اعتقالات وقفت وراءها جماعة "فتح الله جولن"، في 17 ديسمبر 2013، وطالت أبناء بعض الوزراء وموظفين حكوميين، ورجال أعمال، بذريعة التورط في قضايا فساد مالي، لتستغل الجماعة تبعات تلك القضية من أجل تقويض، وزعزعة، أركان الحكومة التركية، وهنا أود الإشارة إلى أن التخريبات والأضرار التي تسببت بها جماعة "فتح الله جولن"، كانت الأقسى على تركيا، حيث لم تتسبب أي منظمة تخريبية بذلك الكم من الأضرار طيلة وجود حزب العدالة والتنمية في السلطة، خلال الـ 12 عاماً الماضية، فضلاً عن أن الجماعة تبذل جهوداً حثيثة في هذه الآونة، من أجل إلحاق الضرر بحزب العدالة والتنمية، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات العامة في تركيا (يونيو المقبل). إلى ذلك، تعتبر "القضية الكردية"، ساحة أخرى من الساحات المهمة، التي يتم العمل من خلالها على زعزعة الاستقرار في تركيا، حيث إن الدول الغربية التي تبدي دائما اهتمامها بالقضية الكردية، وتعرب عن رغبتها في إيجاد حل لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، هي في الحقيقة لا تريد أبداً إيجاد أي حل لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، ولا تريد أيضاً انتهاء القضية الكردية في تركيا، ذلك أن تخلص تركيا من هذه المشاكل، سينعكس بشكل إيجابي على صعيد تحقيق السلام الداخلي فيها، وعلى بلوغها الوفرة والازدهار الاقتصادي، لذلك نرى وجود مساعٍ حثيثة، تهدف لإجهاض "مسيرة السلام الداخلي"، التي أطلقتها الحكومة التركية، من أجل التوافق على حل يضع نهاية للقضية الكردية في تركيا. مصر والسعودية وإيرانهنالك حالة من الفوضى، تلف دولاً مهمةً في العالم الإسلامي، هي مصر، وتركيا، وإيران، والمملكة العربية السعودية، حيث أطاح انقلاب عسكري بحكومة مرسي التي وصلت إلى السلطة في مصر، من خلال انتخابات ديمقراطية، وأسس القائمون على الانقلاب حكومة تابعة لمجلس عسكري، ليخسر العالم العربي بذلك، دولة تمتلك مقاليد الزعامة والريادة، ولتصبح مصر، دولة غارقة في الفوضى والأزمات الاقتصادية.وبالانتقال إلى إيران، فإننا نستطيع القول إن إيران تعاني من أزمة هي الأخطر في تاريخها، حيث إنها باتت معزولة من قبل معظم دول العالم الإسلامي، بسبب السياسات الطائفية الشيعية التي تتبعها في المنطقة، كما أن سياساتها المتّبعة في سوريا، تعتبر الأفشل خلال السنوات الـ 30 الماضية. لذلك، تشهد جبهتها الداخلية صراعاً خطيراً، لم تطفُ آثاره كثيراً إلى السطح حتى الآن.فضلاً عن أن الحرب الدائرة في سوريا والعراق، تزيد من أجواء زعزعة الاستقرار في البلدان سابقة الذكر، إضافة إلى أن تنظيما مثل داعش، قد يلحق بالإسلام أضراراً، لا تقل أبداً عن الأضرار التي لحقت به، إبان اجتياح المغول للمشرق العربي. تراجع العالم الإسلامي أمام الغربإن حالة عدم الاستقرار التي تسود العالم الإسلامي، تسببت في تراجع المسلمين الذين تأخروا أصلاً عن ركب التقدم، مقارنة بالغرب، ففي الوقت الذي يطلق فيه الغرب عنان التقدم في ظل ثورة صناعية ثانية، تتجلى في الثورة الرقمية، نرى تراجعاً مخيفاً لبعض الدول الإسلامية، حتى أن بعضها قد عاد فعلياً إلى مرحلة العصر الحجري، حيث شهدت دول العالم الإسلامي تراجعاً ملحوظاً ودماراً هائلاً على الصعيد الاقتصادي، والتجارة الدولية، والقوة السياسية، والتعاون المشترك، ووصلت الحضارة الإسلامية - التي كان يشار إليها كحل بديل إبان الأزمات التي عاشتها أوروبا - إلى الحضيض، وباتت أوروبا ترى الحضارة الإسلامية، من خلال مقاطع قطع الرؤوس التي يبثّها تنظيم داعش الإرهابي. يجب علينا فعل شيء وإيجاد حلولينبغي علينا القيام بفعل شيء من أجل التصدي وبشكل عاجل لمشاريع زعزعة الاستقرار تلك، حيث إن كل فردٍ مسلمٍ يتحمل مسؤولياتٍ وواجباتٍ يجب عليه القيام بها لتحقيق ذلك، إن المشكلة التي تواجُهنا، لا تكمن في أنشطة زعزعة الاستقرار التي تعمل عليها بعض الدول الغربية فحسب، بل يجب علينا التأكيد على أن مصدر تلك المشكلة يكمن أيضاً في عدم تواصل العناصر المكونة للأمة الإسلامية فيما بينها، لإيجاد حلول لمشاكلها الداخلية، وإذا ما استمرت حالة عدم الاستقرار في العالم الإسلامي وقتاً أطول، فإن ذلك سيرفع معدل الفارق الحضاري بيننا وبين الغرب إلى مائتي سنة على الأقل.