15 سبتمبر 2025

تسجيل

مفارقات بين الحوار والصدام

26 فبراير 2014

الحوار منهج الإسلام للوصول إلى الحلول المناسبة، والصدام منهج "هينجنتون" وقومه من أهل الظلم والطغيان للوصول إلى الحروب الطاحنة. الحوار سمْت الأنبياء مع قومهم لإخراجهم من الظلمات إلى النور وسعادة الدارين. والصدام منهج الفراعنة للوصول إلى: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) (النازعات:24). (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) (الزخرف: 51). (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر:29)، الحوار صدق وشفافية في طرح الأفكار واستئناف النقاش حول أي قضية خلافية ولو كانت وجود الله، وفي الصدام تصم الآذان، وتحدق العينان، وتستعد الأبدان لتدخل معارك الإقصاء والإلغاء والإفناء، الحوار أحسن وسيلة لتنمية المعارف، وتزكية الأنفس وتطوير الحياة، والصدام أسوأ طريقة لدفن المعارف وإزهاق الأنفس وتدمير الحياة. الحوار لغة الواثقين من أنفسهم المستيقنين من أفكارهم، الراغبين في جذب وإقناع الآخر إلى منهجهم، والصدام لغة الضعاف في أنفسهم، المتشككين في مناهجهم، الراغبين في إبادة مخالفيهم. الحوار منهج رباني يعطي به الله عز وجل الحق لكل إنسان يوم القيامة ليجادل عن نفسه: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (النحل:111)، وهو منهج قرآني يورد ربنا في كتابه الكريم كل شبهات المعاندين والمشركين والظالمين دون ابتسار ولا اختصار ولا احتقار، ورد عليها ردا علميا موضوعيا رائقا واضحا، وهو أيضا منهج نبوي حيث فتح باب الحوار مع المشركين والمعاندين والعصاة من المسلمين، لكن الصدام منهج شيطاني يبتسر ويختصر ويحتقر ويخفي آراء المخالفين، وليست عنده حجة ناصعة بالأدلة الدامغة، وهو منهج ضيقي الأفق، قليلي الحيلة، من أب يرعب أبناءه، ومن زوج يرعد زوجته، ومن أستاذ يرهب طلابه، ومن حاكم يفتك بمعارضيه. الحوار ينتج ثقة في النفس، وراحة في القلب، وإبداعا في العقل، والصدام يوغر الصدور، ويرهق النفوس وتنطلق الدعوات من المظلومين حرى ساخنة على الظالمين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.فلنفتح قلوبنا وعقولنا وبيوتنا للحوار مع أنفسنا أولا لنصل إلى ذروة الحب والتعاون على البر والتقوى، ومع الآخرين لنصل إلى التعايش مع من يقبل الحوار أو التدافع مع من يرفض الحوار ويتبنى الصدام، حتى ينتصر الحق ويزهق الباطل: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) (الإسراء:81).