28 أكتوبر 2025

تسجيل

عندما تنهار الدول !

26 يناير 2018

يعتبر العلامة عبد الرحمن بن خلدون مؤسس ورائد علم الاجتماع الحديث  ، والذي ذكر في كتابه الشهير مقدمة ابن خلدون قبل 800 سنة تقريبا عن عوامل انهيار الدول والمجتمعات والأمم ، حيث شبه عوامل قيام الدول وانتهاءها بفرضية دورة حياة الإنسان  من الميلاد إلى الممات ، بتعدد مراحها من القوة إلى الضعف والهرم والموت، كما ذهب إلى أن التعصب أو القومية أو النزعة الوطنية هي الركن الأهم في التأسيس، كما رأى تلازم التعصب مع الدين الذي يمنح الدولة قوة إضافية ويضيف لها القدرة على الاستمرار بشكل أكثر تماسكا. و تنبأ ابن خلدون بعوامل انهيار الدول وأسباب فنائها فمن قرأ هذه العوامل قراءة متعمقة أشبه كمن يرى شريطا لفلم سينمائي لجميع ما يحدث الآن في أوطاننا العربية والخليجية ، فقال( فحين يكثر المنجمون والمتسولون، والمنافقون والمدّعون، والكتبة والقوّالون، والمغنون النشاز والشعراء النظّامون، والمتصعلكون وضاربو المندل، وقارعو الطبول والمتفقهون، وقارئوا الكفّ والطالع والنازل ، والمتسيّسون، والمدّاحون ،والهجّائون، وعابرو السبيل ، والانتهازيون، وتتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط ، يضيع التقدير ويسوء التدبير ، وتختلط المعاني والكلام ، ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتل.  يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف، وتظهر العجائب وتعم الشائعات، ويتحول الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق، ويعلو صوت الباطل، ويخفتُ صوت الحق، وتظهر على السطح وجوه مريبة، وتختفي وجوه مؤنسة، وتشح الأحلام ويموت الأمل، وتزداد غربة العاقل، وتضيع ملامح الوجوه، ويصبح الانتماء إلى القبيلة أشد التصاقاً، وإلى الأوطان ضرباً من ضروب الهذيان، ويضيع صوت الحكماء، في ضجيج الخطباء، والمزايدات على الانتماء وعلى مفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول الدين. يتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة، وتسري الشائعات عن هروب كبير، وتحاك الدسائس والمؤامرات، وتكثر النصائح من القاصي والداني، وتطرح المبادرات من القريب والبعيد، ويتدبر المقتدر أمر رحيله والغني أمر ثروته ، ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار ، ويتحول الوضع إلى مشروعات مهاجرين ، ويتحول الوطن إلى محطة سفر، والمراتع التي نعيش فيها إلى حقائب، والبيوت إلى ذكريات، والذكريات إلى حكايات).  خاطرة ،،، من أروع خواطر كلمات ابن خلدون حين قال: ظلم الأفراد بعضهم بعضاً يمكن رده بالشرع؛ أما ظلم الحاكم فهو أشمل وغير مقدور على رده وهو المؤذن بالخراب ، رحمك الله يا ابن خلدون وصفت أحداث اليوم وكأنك بيننا  ، فما أشبه حديث الأمس باليوم .