17 سبتمبر 2025

تسجيل

في انتظار تنفيذ قرارات القمة الاقتصادية الأولى

26 يناير 2011

في شهر سبتمبر الماضي سأل الصحفيون عمرو موسى أمين الجامعة العربية عن انعقاد القمة الاقتصادية العربية المقررة بعد أربعة أشهر بمصر حسب قرارات القمة الاقتصادية بالكويت. فأجاب بأنه لن يتم عقد قمة اقتصادية قبل تنفيذ قرارات القمة الاقتصادية التي تمت بالكويت. والتي لم يكن قد تم تنفيذ أي من توصياتها. وخلال شهر أكتوبر الماضي أعلنت مصر عن تنظيمها للقمة الاقتصادية العربية الثانية في شرم الشيخ في يناير 2011. ثم قامت الكويت بتأسيس صندوق تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي سبق إعلانها عنه بالقمة الاقتصادية ورصدت له نصف مليار دولار. وقبل حوالي الشهر من انعقاد القمة الاقتصادية بشرم الشيخ سألت مسؤولا كبيرا بالإدارة الاقتصادية لجامعة الدول العربية عن ترتيبات القمة الاقتصادية. وكانت الإجابة أنتم بالجامعة ليس لديهم أية معلومات عنها. وطلب مني أن أمده بأية معلومات أصل إليها لأن الصحفيين يسألونه ويصيبه الحرج لعدم وجود أية معلومات ولا حتى برنامج القمة. وأخذ يقارن بين ما حدث في قمة الكويت التي بدأ التحضير لها قبل انعقادها بعام ونصف وتكليف وزيرة مصرية سابقة بالملف وتحضير أوراق عمل. وعندما رجعت إلى شبكة الإنترنت وجدت موقعا للقمة الاقتصادية. كان كل ما فيه هو مجرد شعار القمة فقط. وقبل موعد القمة بأسبوعين تمت دعوة عدد من كبار رجال الأعمال العرب لتقديم مبادرة للقمة. وقبيل القمة بأيام كان هروب الرئيس التونسي. وانشغلت القيادات العربية بامتصاص أسباب الاحتجاجات الاجتماعية حتى لا يتكرر بها ما حدث في تونس. وثارت التساؤلات هل يتم عقد القمة أم تأجيلها. وكان خيار الانعقاد هو الأقوى. ويبدو أن القيادة المصرية كانت بحاجة لحدث كبير يتم شغل الرأي العام به لبضعة أيام في ظل تداعيات أحداث تونس. حيث تم حشد وفود إعلامية بدرجة غير مسبوقة من كل الصحف الكبيرة والصغيرة. وتم إقحام منتدى للمجتمع المدني وآخر للشباب. إلى جانب منتدى رجال الأعمال الذين استعرضوا خلاله طلباتهم من القمة. وبإعلان القمة توصياتها. إذا بنسخة مكررة تماما لتوصيات قمة الكويت دون قرار واحد جديد. والغريب في القرارات هو إحالة التنفيذ إلى كيانات تحتاج إلى دفعة من الرؤساء والملوك. فهي تحيل البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي إلى المنظمة العربية للتنمية الزراعية دون إتاحة التمويل اللازم للتنفيذ ولو للمرحلة الأولى منه. وتحيل مخطط الربط بالسكك الحديدية إلى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. والأمر نفسه للربط الكهربي. وتحيل الحد من الفقر وتنفيذ الأهداف التنموية للألفية إلى مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب دون تخصيص موارد. والأمر نفسه بالنسبة للخطة الإستراتيجية العربية لتطوير الرعاية الصحية الأولية وطب الأسرة إلى مجلس وزراء الصحة العرب. كذلك إحالة تطوير التعليم إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وفيما يخص الربط بالسكك الحديدية أو الربط البري والبحري أو الربط الكهربائي. فالأمر متروك للدول لتنفيذ ما يخصها منه على المستوى العملي. أما المتابعة فهي موكولة في كل القضايا إلى الأمانة العامة للجامعة العربية. وهي الأمانة المتخمة بالقضايا السياسة التي لا تنتهي والتي لم تحقق فيها أصلا إنجازا ملموسا على مدى السنوات الماضية. ومن ذلك الخلاف المغربي الجزائري وجنوب السودان ودارفور والخلافات اللبنانية والخلافات بين الفرق العراقية واليمنية. ورغم تعدد مطالب منتدى رجال الأعمال بالقمة فلم تشهد التوصيات استجابة عملية لأي منها. ومن جانبهم لم يعلنوا عن أي مشروع عربي مشترك سواء في اجتماعهم التحضيري بالقاهرة قبل القمة أو خلال القمة. كما أثار البعض أنه من الأفضل تقوية الكيانات القائمة الخاصة بالقطاع الخاص العربي مثل اتحاد غرف التجارة والصناعة العربي. بدلا من مبادرات لا ترتبط بكيان مؤسسي. ولم يحظ تكليف رئيس إحدى شركات الاستثمار بالأوراق المالية بعرض مطالب رجال الأعمال بالرضا. خاصة أن الاستثمار العربي يشكو من غلبة الاستثمار بالبورصات الذي لا يضيف للناتج المحلي العربي شيئا. بعكس الاستثمار العيني الذي يزيد من إنتاج السلع والخدمات ويوفر الفرص. وكان الأفضل تكليف أحد العاملين في مجال الاستثمار المباشر. خاصة في ظل الصورة الذهنية السلبية عن رجال الأعمال لدى الرأي العام العربي. وهكذا افتقدت قرارات القمة لأية آليات عملية لتنفيذها. لتتم إضافتها إلى القرارات السابقة المعطلة. مع الأخذ في الاعتبار أن القمة الاقتصادية الأولى كانت بالأردن عام 1981. لكننا نغالط ونعتبر قمة الكويت هي الأولى. وهو نفس المسلك حين كان مقررا تحقيق الاتحاد الجمركي العربي عام 2008. لكننا رحلناه إلى عام 2015 دون الإشارة بالمرة للتاريخ السابق. ودون لوم لأحد على مرور التوقيت القديم دون تنفيذ. وكذلك من دون وجود خطة محددة التوقيتات للتنفيذ بالموعد الجديد. وهكذا يحتاج العمل الاقتصادي العربي المشترك إلى مبادرات ولو إقليمية خلال الشهور القادمة. لأن سياق التعويل إلى قرارات القمة الاقتصادية الأخيرة. والتي تفتقد إلى آليات التنفيذ. يتوقع معه الانتظار حتى 2013 لإصدار نفس قرارات قمة الكويت مرة أخرى.