17 سبتمبر 2025

تسجيل

نظرة على واقع ومستقبل الاستثمارات في قطر

25 ديسمبر 2016

تتراوح الخيارات الرئيسية المتاحة أمام أصحاب الأموال ما بين إيداعها في البنوك للحصول على عائد مضمون، أو في الذهاب إلى سوق العقار للشراء والبيع، أو الشراء والتأجير، أو في الدخول لسوق الأسهم والتعامل فيها إما كاستثمار طويل الأجل بشراء الأسهم وانتظار توزيعات أرباحها، أو المضاربة فيها على أمل تحقيق أرباح من تذبذبات أسعارها. وفي ظل الانخفاض الشديد الذي طرأ على معدلات الفائدة منذ عام 2010، نجد أن سوق الودائع قد فقد جاذبيته، واتجهت الأنظار للبدائل الأخرى خاصة سوق العقار الذي سرعان ما استعاد ما خسره في سنة 2009 بسبب الأزمة المالية العالمية. ولكي نستشرف الاتجاهات المحتملة لأسواق الاستثمار في عام 2017، نعرض فيما يلي لما حدث في السنوات منذ عام 2010:أولا في سوق العقار: استفاد سوق العقار من فوز قطر بتنظيم كأس العالم للعالم 2022 وما ارتبط به من مشروعات عمرانية ضخمة، مع ارتفاع أسعار النفط وما وفرته من السيولة الكافية لتنفيذ تلك المشروعات... وبالنتيجة تضاعف عدد السكان تقريبا، ونتج عن ذلك طلب شديد على الوحدات السكانية، وتضاعفت الإيجارات وأسعار العقارات إلى مستويات قياسية لم تعرفها قطر من قبل. ويشير الرقم القياسي لأسعار العقارات الصادر عن مصرف قطر المركزي بالتعاون مع وزارة العدل إلى تضاعف الرقم بسرعة في أقل من سنة عام 2008 ليصل إلى 192.1 نقطة، هبط بعدها بقوة إلى 91.2 نقطة في يونيو 2009، ثم عاد إلى الارتفاع ثانية بالتدريج في السنوات التالية، ووصل إلى 190.2 نقطة في يونيو 2013، وإلى 209.3 نقطة في يونيو 2014، ثم 283.8 نقطة في عام 2015، وإلى 307.6 نقطة في يونيو 2016. ومع انخفاض أسعار النفط في عام 2016 وما ترتب على ذلك من ضغط للإنفاق الحكومي، فإن الرقم القياسي قد تراجع إلى 266.9 نقطة في سبتمبر الماضي، رغم استمرار الزيادة في عدد السكان. ثانيًا في سوق الأسهم: لم تستفد سوق الأسهم من الانخفاض الشديد الذي طرأ على معدلات الفائدة، حيث ظلت أحجام التداول متدنية بزيادات محدودة عما كانت عليه في عام 2010 عندما بلغت 67 مليار ريال، وارتفعت قليلا إلى 83.4 مليار ريال في عام 2011، ثم انخفضت إلى 70.7 مليار ريال في عام 2012، وبلغت 74.9 مليار ريال في عام 2013، لكنها قفزت في عام 2014 إلى 199.3 مليار ريال بسبب الاكتتاب في سهم مسيعيد، ثم عادت وانخفضت إلى 93.7 مليار ريال في عام 2015، ثم هي قد انخفضت دون ذلك في عام 2016. وكان المؤشر العام للبورصة راكدا حتى منتصف عام 2013 عند مستوى 8500 نقطة قبل أن يسجل ارتفاعات ملحوظة على وقع أخبار اكتتاب مسيعيد، بحيث سجل مستوى 14400 نقطة في منتصف عام 2014، قبل أن يعود للانخفاض بعد ذلك، وكان في معظم فترات عام 2016 دون العشرة آلاف نقطة. ومن المؤكد أنه كانت هناك عوامل طاردة للاستثمار في البورصة منها: عدم إدراج شركات جديدة، إضافة إلى ضعف أداء ونتائج كثير من الشركات، واستقطاب سوق العقارات للسيولة المتاحة. ويبدو أن المشهد الاستثماري في قطر قد دخل مرحلة جديدة الآن ستتضح معالمها بالتدريج في الشهور القادمة، وتتلخص تلك المعالم في الآتي:1- أن أسعار النفط ستظل في الغالب مستقرة حول 50 دولارًا للبرميل، ما يعني عدم وجود إمكانية للتوسع في الإنفاق العام.2- أن مشروعات البنية التحتية ربما تصل ذروتها هذا العام، وتبدأ في الانخفاض في العامين التاليين قبل أن تنخفض بشكل ملحوظ بعد ذلك. وقد يستمر مؤشر سوق العقارات في التراجع، أو أن يستقر بتذبذبات محدودة في عام 2017.3- أن أسعار الفائدة قد تواصل ارتفاعها في عام 2017 ببطء، ولكنها ستظل مع ذلك عند مستويات متدنية جدًا، بحيث لا يستقطب سوق الودائع إلا القليل من الأموال.4- أنه رغم أن سوق الأسهم قد تتأثر سلبا بانخفاض الأرباح المتحققة للشركات المدرجة في عام 2016، وباحتمال تراجع التوزيعات، إلا أن الفرصة تبدو مواتية لحدوث انتعاش في سوق الأسهم إذا ما تم اتخاذ خطوات لجذب المستثمرين من سوق العقارات، وذلك على طريق إدراج شركات جديدة، واتخاذ عدد من المبادرات التنظيمية التي قد تعيد الثقة للمتعاملين، خاصة الأفراد القطريين منهم الذين إما خرجوا من السوق، أو أنهم يحتفظون بأسهمهم دون المضاربة بها. وقد رأينا كيف أن الإعلان عن اندماج محتمل للريان مع بنوك أخرى قد رفع سعر السهم في الأسبوع الماضي.