12 سبتمبر 2025

تسجيل

سلفاكير والوسوسة الدبلوماسية

25 ديسمبر 2011

على السودان أن يتحسب لأسوأ السيناريوهات طراً، في ظل تنامي وتصاعد وتيرة الاختراق الإسرائيلي للقارة الإفريقية.. وتأتي زيارة رئيس حكومة جنوب السودان لإسرائيل الأسبوع الماضي ضمن مسلسل متعدد الحلقات لتزيد التوتر القائم حالياً بين دولة جنوب السودان الحديثة التكوين وجمهورية السودان التي نصبت لها الفخاخ للتمرغ في وحل الأزمات والمشكلات التي خلفها انفصال الجنوب المشاكس. ورغما عن مترتبات زيارة سلفاكير ميارديت رئيس حكومة جنوب السودان لإسرائيل والمخاطر الناجمة عن هذه الزيارة بسعي إسرائيل المضمر لدعم الجنوب بالأسلحة والعتاد واللوجستيات، فإن وزير الخارجية بحكومة الجنوب نيال دينق قد قال في تصريحات صحفية إن الهدف من الزيارة هو تطبيق سياسة الانفتاح التي تعتزم جوبا اتباعها تجاه كل دول العالم بلا استثناء، ولن يكون لها أي تأثير سلبي على دول الجوار، في إشارة واضحة إلى جمهورية السودان. زيارة سلفاكير إلى إسرائيل يجب أن ينظر إليها في إطار شاشة أوسع وإطار أشمل، فإسرائيل تقيم علاقات مع 46 دولة إفريقية من مجموع دول القارة البالغ عددها 53 دولة. السباق والتسابق المحموم الذي أبدته الدولة العبرية للاعتراف بدولة جنوب السودان، وإقامة سفارة لديها في الدولة الوليدة، ودعوة رئيسها إليها تأتي في سياق سيناريو الاختراق الإسرائيلي للقارة السمراء على نحو شامل يتضمن الاختراق الدبلوماسي والعسكري والاستخباراتي والاقتصادي. لقد وجدت إسرائيل في دولة جنوب السودان بيئة خصيبة لتنفيذ استراتيجيتها المقيتة للحصول على عدة مكاسب، ومؤامرات خبيثة المنشأ والمنطلقات. يأتي في طليعة الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية الحصول على النفط الإفريقي، ومياه النيل، ودعم اقتصادها الذي تعوزه الموارد، وتصدير منتجاتها التي أصابها الكساد من خلال المقاطعة العربية شبه الشاملة. كما أن إسرائيل ممتلئة بالغيظ لاتهاماتها للسودان بأنه يدعم المقاومة الفلسطينية، وتزويدها بالسلاح، ولهذا وجدت في دولة الجنوب ضالتها المنشودة لتنفيذ استراتيجيتها المعلنة بمحاربة ما تسميه بالإرهاب وحرمان السودان من الاستقرار المنشود من خلال دعم حكومة الجنوب بالسلاح والعتاد لزيادة اشتعال بؤر التوتر في دارفور وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق. المسعى الإسرائيلي لاختراق القارة الإفريقية، لم يواجه بمساع عربية لمواجهة الزحف والهرولة الإسرائيلية.. كما لم تتخذ الدول العربية أية خطوات مرئية أو غير مرئية، في مقابل المد العبري العارم. وعلى الحكومة السودانية وبخاصة وزارتا الخارجية والدفاع إبصار مآلات زيارة رئيس حكومة دولة جنوب السودان في إطارها الصحيح والمفعم بالمخاطر والتحديات، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار المعطيات التالية: * إن الإدارة الأمريكية لا تزال تتلكأ في تطبيع العلاقات مع السودان. * دول الجوار وخاصة كينيا تتمتع بعلاقات حميمة مع إسرائيل، وأن قرار المحكمة الكينية بتوقيف الرئيس البشير لم يصدر من فراغ. * إن حلقات التآمر، وسيناريوهات الكيد ضد السودان والنيل من مقدراته لن تتوقف، كما أن بؤر التوتر سوف تزداد اشتعالاً.. ما لم تتخذ الحكومة السودانية خطوات جادة للمصالحة الشاملة، وتوحيد الجبهة الداخلية لحل أزمة دارفور، ووضع نهاية للمشكلات العالقة مع جنوب السودان الذي يستقوى بالدولة العبرية وغيرها من دول الوسوسة الدبلوماسية الشائنة التي تخطط في الخفاء والعلن لزعزعة استقرار البلاد ومستقبلها الواعد.