17 سبتمبر 2025
تسجيل" إذا فتحت الباب فإنك لن تستطيع تحديد كمية الهواء الداخلة منه" مثل أمريكي. وفي تناقضات الثقافة الأمريكية ما بين استحواذ التقنية والمعرفة وحرية الفكر والدفاع الواسع عنه يحار العقل وتلازمه دهشة بحجم حجارة الأهرامات المصرية وبارتفاع تمثال الحرية الذي يرمز علوه حسب تعليق أحد الصحفيين إلى رؤية الخارج الأمريكي فقط بينما تشوه عمق الحراك الأمريكي وحدود نفوذه ممارسات مخجلة للحرية ومعناها. أيضا يقول أحد المخضرمين في الشأن السياسي الأمريكي في إجابة صحفية له عن سر الاستقرار السياسي هناك والهدوء الذي يصاحب تناقل السلطة بين الجمهوريين والديمقراط بأن السر في ذلك الهدوء والانسجام يعود إلى عدم وجود سفارة أمريكية في واشنطن "ولكم باقي الفهم" وما وددت قوله هنا إن سر تخلي الرئيس حسني مبارك عن السلطة في بلاده هو شعوره بالإحباط العميق لتخلي الإدارة الأمريكية عنه وعن نظامه بتلك النداءات المتلاحقة التي أطلقوها وبنبرات مخيفة مع بداية الثورة المصرية بالدعوة إلى ضرورة التغيير وتخلي مبارك العاجل عن السلطة رغم وعوده المتلفزة بالإصلاح وعدم التوريث أو حتى الاستمرار في السلطة فقال حرفياً: " إنني لا أنتوي الترشح لفترة رئاسية قادمة " مرجحاً تجنيب مصر ويلات ما تعانيه الآن من اختراقات ومشاهد عجيبة ومحزنة في مشهدها العام والسياسي تحديداً فحمل الرجل معه إلى مشفاه القسري لوعة الحدث وإحباط الصداقات الزائفة. فقد فُتح الباب واسعاً هناك وعلى الطريقة الأمريكية هذه المرة وظل الهواء منه متدفقاً من دون حساب ودون فهم لمجريات اللعبة وأبعادها بيد أن النظام العسكري الحاكم هناك ظل ينزه دوره ويحافظ على سلامة مصر ملتزما بمهمته الوطنية دون أن يلتفت إلى دعوات التخلي عن السلطة بما فيها دعوات البيت الأبيض. ولمن يدع العسكر السلطة هناك خصوصاً في هذه المرحلة التي سقطت فيها الرموز تحت أقدام المحتجين في ميدان التحرير حيث لم يعد يقنع العامة أي قادم للوزارة أو حتى الرئاسة لاحقاً رغم "أن السماء لا تمطر حكاما أبداً" فالشعوب مناطة بمهمة أمورها وتدبيرها لصالحهم متى ما حكموا العقل وقدموا المصلحة العليا وتعوذوا من شيطان الفتن والمفتنين والمندسين "فكم من ثورة قالت لشعبها دعني" بينما الشعب المصري لم يدع مصيره بيد الرئيس مبارك وحزبه الوطني وآثر التغيير وحشد المليونيات الثورية المشحونة غضباً ربما وفقا "للفوضى الخلاقة" ومحركاتها دون أن يتبينوا مطلقاً تبعات اللعبة والتي تسير حذرة تتجاوز غالباً مجريات المشهد العام ومفاجآته الغريبة على شعب مصر حين يجنح بعضه إلى إحراق ثروات الأمة الفكرية وافتعال المواجهات البينية واقتحام مؤسساته الرمزية والبلد كله في حالة مخاض صعب انتظاراً لولادة مرحلة جديدة ومؤسسة رئاسية جديدة ترضي كل الأطياف المصرية عقب مراحل الانتخابات الحالية التي يؤمل لها كل محبي أرض الكنانة النجاح ولتعود مصر فاعلة في محيط أمتها وقضاياها المصيرية ولن يتحقق ذلك دون الهدوء وعمومية الوعي بخطورة المرحلة وضرورة تجاوزها بعيداً عن التشنج والمزايدات واستعراض القوى وبسط الوعود الزائفة أمام الناخب المصري ليكون له فقط القرار في اختيار الأصلح لقيادة البلاد في المرحلة القادمة. كما أن التشكيك المتبادل بين القوى السياسية وتخويف العامة من أجنداتها اللاحقة مع الزج بها في تبعات خارجية من المعطلات الكبرى لمسير النهج السياسي العام وهو أيضاً ممارسة مشئومة لطموح القادم من الأيام والهادف لاستقرار مصر وتوجهها نحو البناء والتنمية لتوفير فرص العيش الكريم لعشرات ملايينها البشرية الكثيفة التي تتطلع إلى مصر جديدة توفر لمعظمهم حد العيش ولتكون جاذبة للاستثمار باستقرارها ومكونها الكبير والفاعل بمؤهلاته وموارده. فنقول لإخواننا في مصر: "كفى تنازعات وتجاذبات بعدما تحقق لثورتكم التغيير المطلوب فركزوا العمل الآن نحو هدفكم الأكبر وهدف الأمة فيكم"[email protected]