17 سبتمبر 2025

تسجيل

على هامش الملتقى العربي الدولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال

25 ديسمبر 2010

كان لفتة مهمة أن تحتضن الجزائر في الخامس والسادس من الشهر الجاري الملتقى العربي الدولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال، هذا الملتقى الذي لم يأخذ حقه في وسائل الإعلام العربية على اختلاف أنواعها على الرغم أن ما يزيد على ألف شخصية كانت حاضرة من دول عربية وإسلامية وغربية ولعل رأسهم أسرى محررون أو أهالي لهم ما بين أب وأم وزوجة . الملتقى الذي تنظمه الأحزاب العربية وهو ملتقى شعبي غير رسمي جاءت فكرته من المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن الذي يرأسه الأستاذ معن يشور، إذ حاول الملتقى تلمس كيفية نصرة أبنائنا في سجون الاحتلال من خلال "إعلان الجزائر" والتوصيات التي خرج بها والتي دعت إلى تقديم الدعم الكامل للأسرى وذويهم في نضالهم الوطني لتحرير الأرض وتشكيل هيئات متخصصة لمتابعة أحوالهم، حيث أكد الملتقى على أن المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية وواجب ديني ووطني وقومي وإنساني يفرض على الأمة تبنيه ودعمه، كما أن الأسير في ظل الاحتلال هو مقاومة ورمز لنضال الأمة.. مستغربا تجاهل المجتمع الدولي لقضايا الأسرى والمعتقلين والمفقودين والتي تتميز بالتجاهل واللامبالاة وأحيانا بتبرير ما لا يبرر من الاعتقال والانتهاكات غير القانونية وغير الأخلاقية. ولعل أهم ما خلص إليه الملتقى من توصيات هو دعوة المنظمات العربية والإقليمية والدولية الرسمية منها والشعبية إلى تأسيس وكالات وصناديق ومؤسسات وهيئات خاصة بمتابعة الاهتمام القانوني والإنساني والاجتماعي والحياتي لهؤلاء الأسرى والعائلات المناصرة لهم. كان المؤتمر احتفالاً جماهيريا تقاسم به العرب من أقطار لبنان وسوريا وفلسطين والعراق والأردن وغيرها عذاباتهم المشتركة داخل سجون الاحتلال أياً كان هذا الاحتلال سواء كان احتلالاً إسرائيليا في فلسطين أو الجولان أو الجنوب اللبناني أو الاحتلال الأمريكي في العراق الذي قضى على أزيد من مليون شهيد ومهجر. ولعل أبرز تجليات المؤتمر التي هزت وجدان الحاضرين حين خرجت الأسيرة الفلسطينية المحررة فاطمة الزق وعلى يديها ولدها يوسف أصغر أسير محرر حيث يبلغ من العمر ثلاث سنوات ووقفت أمام منصة المؤتمر أمام ما يزيد على ألف شخص لتقول: أتيتكم بصحبة ولدي يوسف المولود في سجون الاحتلال ليقول يوسف لإخوانه الأسرى في سجون الاحتلال: لن ننساكم ولن نتخلى عنك وذلك قبل أن تتقدم طفلة جزائرية وتقدم باقة ورد إلى يوسف، مُقدمة من أطفال الجزائر أولاد شهداء الثورة إلى إخوانهم من الفلسطينيين تعبيراً عن التعاطف والامتداد الذي يأبى إلا أن يتواصل رغم تقطيع المستعمر للبلدان العربية ومحاولة زرع الشرخ والانقسام بين أبنائها. كما أن الدعوات التي دعت إلى تأييد ومباركة أسر المزيد من جنود الاحتلال على غرار الجندي الأسير غالعاد شاليط لاقت ترحيباً حادا في المؤتمر علاه صوت التصفيق الحار بعد أن كان نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد بحر دعا إليه كما دعا الملتقى إلى إدراج بند في توصياته يدعم فيه المقاومة المسلحة كخيار استراتجي للتحرر من المحتل الإسرائيلي. انتهزت فرصة وجودي في الملتقى لأتلمس الموقف الرسمي الجزائري من قضايا التطبيع والحصار المضروب على قطاع غزة لاسيما أن الجزائر كانت تمنعت عن استقبال وفود عربية قادمة إلى الملتقى من أراضي 48 لأن أصحابها يحملون جوازات سفر إسرائيلية فسعيت إلى لقاء الراعي الجزائري للمؤتمر وهو السيد عبدالعزيز بلخادم الأمين العام لجبهة التحرير الجزائرية الممثل الشخصي للرئيس الجزائري والذي شغل منصب رئيس الحكومة ووزير الخارجية لفترة في الجزائر، الذي أكد لي خلال حوار خاص معه دام لنصف ساعة أن الجزائر أرض الشهداء وأرض مقاومة الاحتلال الفرنسي لا يمكن أن تسمح بوضع تأشيرة دخولها على جواز سفر إسرائيلي لأنه كيان غاصب ومحتل، فالجزائر ترفض بشدة أي شكل من أشكال التطبيع وحين سألته ما إذا كانت الجزائر تتفهم خيارات بعض الدول العربية التي ارتضت التطبيع مع الاحتلال دون أي شروط، كان جوابه واضحاً وحاسماً نحن لا نتفهم بصراحة أي مبرر أو أي موقف لأي دولة عربية لها علاقات مع الكيان الإسرائيلي . لم يقف بلخادم عند حدود التطبيع حين بادرته بالسؤال عن تقييمه للمواقف العربية من الحصار المضروب على غزة فأبدى استياءه وغرابته من التعاطي العربية في هذا الملف لاسيما أن معبراً عربيا موجود على القطاع . وإذا كان الجميع داخل الملتقى يتفق على أن المؤتمر كان نقلة نوعية في العمل النضالي لدعم الأسرى والسعي لتحريرهم إلاّ انه يحتاج لاستكمال الأهداف التي وضعها لنفسه من خلال خطوات عملية تتناسب مع الإمكانات المتاحة ليسير في فضاء دولي يكون أكثر تأثيراً في العمل على دعم الأسرى . ولعل دعم المقاومة المسلحة كخيار أساسي قد يضمن عودة الأسرى إلى أهاليهم كما انه يكون الرادع الصارم للاحتلال من أن يتمادى في غيه وصلفه بحق أهالينا في المناطق المحتلة. وإذا كان لنا من كلمة في ختام هذا المقال فإني لا أخفي مدى إعجابي وتقديري للشعب الجزائري الذي احتضن الملتقى بكرم غير محدود داعين المولى عز وجل أن يحفظ الجزائر بأرضها وأهلها كما يحفظ لنا عالمنا العربي من كل سوء.