17 سبتمبر 2025

تسجيل

تقارير المسؤولية الاجتماعية في مطلع العام الجديد

25 نوفمبر 2012

في ختام كل عام تحرص المؤسسات والشركات على تقييم أدائها خلال عام مضى في سبيل تقويم الأداء وتصويبه قبل البدء في عام جديد. وقد حرصت كثير من الشركات والمؤسسات في العديد من الدول المتقدمة على تقديم تقاريرها في مجال المسؤولية الاجتماعية، جنبا إلى جنب مع مجالات عملها الأخرى. وقد استوقفني تقرير لمؤسسة ''جوائز تقارير المسؤولية الاجتماعية ''، ذكرت فيه أن إجمالي ما صدر خلال عام من تقارير مستقلة عن المسؤولية الاجتماعية من قبل الشركات في أنحاء العالم وصل إلى نحو أربعة آلاف تقرير، نحو 20 في المائة منها قامت بإصدارها (800 شركة) للمرة الأولى، وما يزيد قليلا على نصف إجمالي التقارير مصدرها شركات أوروبية، ونحو 15 في المائة منها شركات من كل من أمريكا الشمالية وآسيا، وأقل من 5 في المائة من منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وتتبوأ ثلاث دول مكانة مرموقة على مستوى العالم في مجال تشريعات المسؤولية الاجتماعية للشركات، حيث تحل الدنمارك في المرتبة الأولى، فهي الدولة الغربية الأولى التي تلزم الشركات الكبرى بتضمين تقاريرها المالية السنوية معلومات غير مالية وتحديدا تلك المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية. وجاءت إندونيسيا في المرتبة الثانية وتمكنت من الاستحواذ على هذه المرتبة العالمية المتقدمة من خلال إصدار تشريعات تلزم جميع الشركات بإصدار تقارير المسؤولية الاجتماعية. وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثالثة وكان وراء تبوئها هذه المرتبة المتقدمة مطالبة هيئة رقابة البورصة الأمريكية جميع الشركات المدرجة الإفصاح بصورة منتظمة عن المخاطر المتعلقة بالبيئة في تقاريرها السنوية. إن ثقافة المسؤولية الاجتماعية بدأت تأخذ حيزا لا بأس به في عالمنا العربي، ولكن بالتأكيد تنقصه التشريعات التي تنظم تطبيقاته في العديد من المؤسسات والمنظمات والشركات العربية. وبالرغم أن العديد من الدول بدأت خطوات تطوير استراتيجياتها الوطنية في مجال المسؤولية الاجتماعية، إلا أن أثر هذه المبادرات مازال محدودا. وفي اعتقادي، إن من يمتلك أدوات التشريع في الوطن العربي مازال تفاعله لم يرق إلى التغيرات السريعة التي تعصف بالعالم العربي على وجه الخصوص، والعالم الغربي كذلك، من أن أهم عنصر من عناصر تحفيز صرخات الشعوب وإطلاقها هي غياب منهجية للعدالة الاجتماعية بين الشركات التي تستفيد من الشعوب من جهة وبين الشعوب التي أصبح دورها محدودا في عملية جعل هذه الشركات حالبة لأموالها ومدخراتها من جهة أخرى. وبهذه المناسبة لابد لي من أن أشيد بدول مجلس التعاون الخليجي، من أنها تحملت عبئا كبيرا خلال الثلاثين سنة الماضية في دعم حاجات الشعوب العربية بالكثير من المشاريع التنموية التي بلا شك أسهمت مع غيرها من دول العالم الغني في بعث الاستقرار السياسي والاقتصادي في هذه الدول. وإن كانت هناك دول عالمية كبرى قد أسهمت في دعم مشاريع تنموية في العديد من الدول العربية في سبيل تحقيق مصالحها الإستراتيجية، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي كان أساس مبادراتها يأتي في إطار مسؤوليتها الاجتماعية تجاه هذه الدول الشقيقة. كما لا يفوتني أن أذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي تحملت أيضا الجزء الأكبر من المساهمات المالية والفنية في عصر ما بعد الثورات العربية. فمساهمات المملكة العربية السعودية، وقطر والكويت، والإمارات، لدول في مرحلة التعافي كجمهورية مصر العربية، وليبيا، وتونس، واليمن، أو في مرحلة محاولات التغيير كسوريا محل تقدير من هذه الدول. إن العام الجديد يجب أن يحمل في جعبته مبادرات نوعيه في تأطير مساهمات الشركات والمؤسسات، وكذلك الدول والأفراد ضمن إطار قانوني وتشريعي واقتصادي واجتماعي محترف. على أن تأخذ هذه المساهمات شكلا من أشكال المشاريع التنموية حتى يعود نفعها على السواد الأعظم من هذه الشعوب في مختلف بقاع العالم.