02 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يحصل أن يرتكب السياسي خطأ في تقدير الموقف، أو أن يزلّ لسانه في تصريح غير محضّر، أو أن يتم إحراجه من صحفي فيقول كلامًا غير مسؤول. كل هذا وارد الوقوع، خاصة في ظل التراجع الملحوظ لثقافة السياسيين في وطننا العربي وسطحية تناولهم للأمور. كما أنّ من المنطقي أن يلجأ السياسي الذي وقع بالخطأ للاعتذار عمّا ارتكب، أو أن يتذرّع بأن كلامه تمّ اجتزاؤه من الوسائل الإعلامية للإساءة إليه، أو أن يزعم بأن كلامه فُهم على غير القصد الذي أراده. لكن أن تصدر عن مسؤول يفترض أنه يمثل صورة لبنان أمام العالم سلسلة من التصريحات والمواقف تنضح عنصرية وفوقية وتعصّبًا طائفيًا، ويستعيد أفكارًا كانت سببًا لاشتعال فتيل الحرب الأهلية اللبنانية، فإن ذلك يندرج على أقل تقدير في خانة الغباء السياسي. في هذه الخانة بالتحديد يمكن إدراج أداء وزير الخارجية جبران باسيل، الذي لا يترك فرصة إلا ويسيء فيها لنفسه ولحزبه (التيار الوطني الحر) الذي يرأسه، وللفريق السياسي الذي ينتمي إليه (8 مارس). ففي كل إطلالة إعلامية جديدة يُمعن باسيل في الوقوع بالمزيد من الأخطاء والإساءات، ويكشف جانبًا جديدًا من تعصّبه الطائفي.أبرز حلقات هذا الأداء كانت التغريدة التي كتبها باسيل على موقع تويتر قبل أيام، قال فيها "أنا مع إقرار قانون منح المرأة الجنسية لأولادها، لكن مع استثناء السوريين والفلسطينيين للحفاظ على أرضنا". التغريدة هذه، شكلت خلاصة كلمة باسيل أمام المؤتمر الإقليمي الأول للطاقة الاغترابية اللبنانية الذي انعقد في الولايات المتحدة، حيث أكد رفض منح الجنسية لـ400 ألف فلسطيني، لأن "علينا معرفة أنه للحفاظ على لبنان لا بدّ من استثناءات". تابع باسيل وتذكّر أنه يجب شمول السوريين في الاستثناء "لأن بلدنا سيصبح فارغًا عندها من اللبنانيين". كان يمكن لنا أن نلتمس العذر لو أن موقف باسيل اقتصر على كلمته أمام المؤتمر الاغترابي، ولقلنا ربما كانت زلّة لسان، لكن باسيل رفض أن نلتمس له أي عذر، وأوغل في تأكيد موقفه العنصري بتغريدة واضحة على حسابه الرسمي.يحرص رأس الدبلوماسية اللبنانية في كل مناسبة وإطلالة إعلامية على حمل لواء التخلص من النازحين السوريين والدفع نحو عودتهم إلى أرضهم بأسلوب فوقي لا يمت لأي إنسانية، غير عابئ بالمحرقة التي يرتكبها النظام السوري والميليشيات الطائفية التي تسانده، وهو يوحي في كل مناسبة بأن النازحين السوريين هم سبب مآسي اللبنانيين ومعاناتهم، ولولا وجودهم لكان لبنان ينعم بأمن وسلام واستقرار، ولكانت انتهت أزمات النفايات والتيار الكهربائي وشح المياه والفساد والسرقة و..المستغرب في هذا الشأن، هو الصمت المدوّي لحلفاء الوزير والتيار الذي ينتمي إليه، لاسيَّما من يطلقون على أنفسهم وصف محور المقاومة والممانعة، الذين يرفعون لواء تحرير فلسطين ومساندة الشعب الفلسطيني في معركته بمواجهة الاحتلال، وكذلك مشاركتهم في القتال في سوريا إلى جانب النظام بدعوى حمايته من التكفيريين والإرهابيين. فكيف يوفق هؤلاء بين زعمهم مساندة الشعب الفلسطيني في حين أن حليفهم يعامل الفلسطينيين بهذه الفوقية والدونية ولا يبالي بأوضاعهم الإنسانية. كيف يبررون لحليفهم تصريحاته العنصرية تجاه اللاجئين السوريين، ولا يتجرأون أقلّه على انتقاده أو مراجعته في مضمونها، وهم الذين يخدعون أنفسهم برواية حماية السوريين؟! الصمت إزاء مواقف وزير الخارجية الطائفية والعنصرية لم يعد يقتصر على حلفاء الوزير، فحتى القوى والأطراف والأحزاب الأخرى لم يصدر عنها أي موقف يشير إلى أن مواقف وزير الخارجية لا تمثل إلا شخصه، وأن اللبنانيين يرفضون هذا الكلام العنصري. أما شعبيًا فقد اقتصر الأمر على زوبعة غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي لم يبق لها أي أثر ملموس.