07 أكتوبر 2025
تسجيلالتشابه بين اللؤلؤ الصناعي والطاقة البديلة واضح لكل من عاش قصص الأجداد فإن كانت الحرب العالمية الأولى قد أثرت على معيشة أهل المنطقة. إلا أن اللؤلؤ الصناعي كان له أبلغ الأثر في تحويل الحياة الرغدة إلى حياة شح وندرة. وبعد أن كان الغوص على اللؤلؤ أحد أهم مصادر الرزق وبحبوحة العيش. أصبح نشاطا على هامش الحياة. وإن كانت الحياة الاقتصادية تعتمد على رحلة الغوص والاستعداد لها. وقد تحورت الحياة حول نشاطات الغوص. وتشكلت الثقافة بتجارب رحلة الغوص. ونسجت الأساطير وعزفت الآلات الموسيقية والطبول على نغمة البحر. والعودة منه. وكانت الرحلة والإعداد لها مصدر رئيسي تتمحور حوله الأفكار والمفاهيم. فالشباب يحلم بأن يكون جزءا من تلك الرحلة التي كانت تعني الرجولة وبلوغ السن والحصول على الاعتراف بأن الشباب أصبح رجلا وقادرا على القيام بالرحلة. رحلة الغوص التي كانت تلهم الشعراء والقصاصين والمجتمع. وتحدد الطبقات الاجتماعية والثراء والحياة الاقتصادية التي تدور حول البحر. من أسماء اللؤلؤ وأسماء من يعمل في صيد اللؤلؤ كل حسب مهنته. وصناعة السفن وصيانتها. والتعامل مع الأسواق وخاصة الأسواق العالمية. خاصة سوق بومبي. حيث يتم بيع اللؤلؤ حسب الطلب العالمي. وتحدد أسعاره من خلال العرض والطلب الآسيوي والأوروبي. وفي نهاية رحلة بيع اللؤلؤ يتم شراء كل ما تحتاج المنطقة من مونه وغذاء وكساء.. وعاشت المنطقة في رغد تحسد عليه حتى جاء اللؤلؤ الصناعي. ونحن اليوم نواجه نفس المصير. ولكن اليوم نحن تجار طاقة والعالم يسعى بكل جهد لتطوير الطاقة البديلة من أجل التخلص من فاتورة النفط والغاز. هي إعادة لما حصل في الماضي القريب. ولذلك فإن الوحدة الاقتصادية الخليجية والعربية. قد تكون أحد أهم مقومات التحوط من تقلبات الدهر. ليس هناك ضمانات لتحاشي ما قد يقع. ولكن إذا كان هناك شيء جيد مما حدث في انهيار حياة الغوص. هو أننا اليوم نعلم ما حدث في الماضي. ونعرف أننا إذا لم نتخذ خطوات جذرية. فإن التاريخ قد يعيد نفسه. لدينا من التجربة والوعي والعلم والمعرفة اليوم ما يمكننا من تلافي نفس المنعرجات والمطبات. وحتى لا نعيش مآسي الماضي. ومحاولة خفض المصاريف وعدم الانجراف إلى حياة الاستهلاك بدون حساب. والحفاظ على الثروة الناضبة مثل النفط والغاز يجب أن تكون في سلم الأولويات. ومن ثم تنويع الاستثمارات حول العالم وعدم التركيز على منطقة جغرافية مثل أوروبا أو بريطانيا. بل الاستثمار في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية. وتنويع الدخل من كل منطقة جغرافية. والاستثمار في القطاعات الاقتصادية الواعدة فيها. أي الاستفادة من ميزة كل بلد وتسخيره لخدمة الأمة. هذا ساس لهيكلة تعتمد على الارتكاز على ميزات كل اقتصاد من اقتصادات العالم وقدرته على الاستمرار. هذا في حده الأدنى يربطنا بقدرات العالم وإمكانياته. وهذا الحد الأدنى للأمن الاقتصادي. والأمن الاقتصادي هو الأهم في منظومة الأمن القومي. وإن لم يكن هناك حديث عن الأمن الاقتصادي. ولكنه قد يفوق في أهميته شبكة الأمن التي تقيمها الدولة. وليس هناك شك في أن الدولة تسعى جاهدة من أجل الأمن الاقتصادي. وإن لم تطلق عليه هذه التسمية. وحتى في حال لم يكن هناك مسمى الأمن الاقتصادي في الطرح العام. إلا أن الأمن الاقتصادي هو عماد استمرار الدولة في مسيرتها التنموية. ووضع إستراتيجية للاستثمار في تقنيات المستقبل هو أحد مقومات مفهوم الأمن الاقتصادي. ولكن الأهم أننا مررنا من هنا في الماضي القريب. ولن نتفاجأ بأن الطاقة البديلة قد قضت على الطاقة الطبيعية كما قضى اللؤلؤ الصناعي على اللؤلؤ الطبيعي. نحن أهل الطبيعة ولكن هناك دائما من يرى أن الصناعة لها القدرة على إزاحة ما تنتجه الطبيعة. وقد علمتنا الأيام أن هذا تهديد حقيقي وسوف يحدث عاجلا أم آجلا. ولا بد من التحوط له والحذر من الاتكاء عليه أو الركون إلى أن الحياة ستستمر كما هي ولن يتغير شيء. لم نكن مستعدون في المرة الأولى ولكن اليوم ليس هناك عذر لعدم الاستعداد لذلك اليوم القادم لا محالة.