17 سبتمبر 2025

تسجيل

بعد اعتقال الأسير.. اللبنانيون ينتظرون اعتقال البقية

25 أغسطس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حرّك اعتقال الشيخ أحمد الأسير الذي يلاحقه القضاء اللبناني بتهمة الاعتداء على الجيش اللبناني، حرّك الجمود الذي تعاني منه البلاد، في ظل شغور رئاسة الجمهورية، وتعطيل مجلس النواب، واحتضار مجلس الوزراء. فاستغلّت الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية إلقاء القبض على الأسير لاستعادة بعض البريق الذي فقدته. فقد تبين أن الأمن في لبنان مستتب، وأن الأجهزة الأمنية يقظة وواعية لكل شاردة وواردة، وأنها ساهرة على راحة المواطنين وملاحقة جميع المطلوبين للقضاء اللبناني. فإلقاء القبض على الشيخ أحمد الأسير مؤشر على أن الأجهزة الأمنية بلغت مستوى عاليا من الحرفية تضاهي حرفية الأجهزة الأمنية العالمية. الإعجاب بإنجازات الأجهزة الأمنية يصبح مضاعفاً حين نعلم أن هذه الأجهزة ينقصها الكثير من الأجهزة المتطورة التي تساعدها على أداء مهامها. لكن وكما أشار مدير عام الأمن العام فإن الإمساك بالأسير كان "نتاج بصمة الحرص على الوطن، في ظل عدم امتلاك جهاز لكشف بصمة العين". تمت العملية، وقضى اللبنانيون أياماً وليالي في سماع بيانات الثناء والإشادة بأداء الأجهزة الأمنية، وتصفيق الجميع لها. انتهت العملية، وتحققت العدالة، وعاش لبنان بسبات ونبات، وأنجب اللبنانيون صبياناً وبنات. فاعتبر البعض أن مشاكل البلد انتهت بعدما ألقي القبض على الأسير، وكأنه هو السبب في كل المشاكل، وكأنه المطلوب الوحيد للقضاء، وكأنه الوحيد الذي أخلّ بالأمن، فلاحقته الأجهزة الأمنية، وفرّغت للإمساك به مجموعات من أفرادها ومخبريها لرصده وتقفي آثاره وملاحقته. فهناك كثر غيره مطلوبون للقضاء، بجرائم أكثر دموية وبشاعة من التهمة الموجهة للأسير، ليس القضاء اللبناني فقط بل كذلك القضاء الدولي. الحفاوة والبهجة التي عمّت اللبنانيين بتوقيف الشيخ الأسير لم تشمل الجميع. فليس سراً أن اعتقاله أحزن شريحة أخرى، بعضهم لأنه كان يؤيّد طروحاته خاصة فيما يتعلق بسلاح حزب الله ورفض احتكار المقاومة، وبعضهم لأنه لا يرضى أن يتم التعاطي مع عالم وشيخ ورجل دين بالطريقة التي عومل بها سواء من قبل الأجهزة الأمنية أو من قبل وسائل الإعلام، والبعض الآخر وهم كثر حزنوا لأن توقيف الأسير عزَز الشعور لديهم أن العدالة في لبنان عرجاء تمشي على رجل واحدة، فلا تأخذ مجراها إلا في مواجهة أشخاص وجهات تنتمي لطائفة بعينها، في حين أن العدالة نفسها تغطّ في نوم عميق، وتبحث عن مجرى لها حين تكون المهمة الأمنية في مواجهة أشخاص ينتمون لجهات وأحزاب وطوائف أخرى. استغرب البعض حزن فريق من اللبنانيين على اعتقال الأسير. فقد كانوا يريدون منهم أن يصفقوا وهم يتابعون إهمال السلطة القضائية الأدلة والقرائن التي تؤكد مشاركة أطراف مسلحة أخرى في المواجهات التي جرت في منطقة عبرا التي يتهم فيها الأسير بالاعتداء على الجيش اللبناني. يريدون منهم أن يصفقوا وهم يتابعون إصرار الأجهزة الأمنية على إنكار ما شاهده جميع اللبنانيين من مشاركة هذه الميليشيات، التي لا أحد يريد أن يدقق في الدور الذي قامت به، وإلى أي جهة تنتمي، وبأمر من ائتمرت، وهل كانت تطلق النار على الأسير فقط، أم أن بندقيتها مالت باتجاهات أخرى. مدعاة فخر أن يقوم مواطنون بمساندة الأجهزة الأمنية في أداء مهامها، لكن من المعيب أن تستغبي الأجهزة الأمنية اللبنانيين، وتريد منهم إغماض أعينهم عما شاهدوه ولمسوه. يريدون منهم أن يصفقوا لاعتقال الأسير، وقناعتهم تزداد يوماً بعد يوم بأن الدولة لا تمارس هيبتها وسلطتها إلا عليهم، وهي تتحول لسلطة هزيلة مهدورة الهيبة حين يُطلب منها القيام بواجبها في مواجهة لبنانيين آخرين. يريدون منهم أن يصفقوا لاعتقال الشيخ الأسير، وهم يغضون النظر ويهملون مئات آخرين مطلوبين للقضاء. حسب شهادة الكثيرين شكل توقيف الأسير نقلة نوعية وحرفية عالية في العمل الأمني. ما ينتظره اللبنانيون في المرحلة القادمة، هو أن تتم ترجمة هذه النقلة والحرفية في عمليات أمنية أخرى، فتفرّغ الأجهزة الأمنية مجموعات من عناصرها لرصد ومتابعة وملاحقة عشرات المطلوبين للعدالة اللبنانية والدولية، كما فعلت لاعتقال الأسير. كي تؤكد مهنيتها وحرفيتها والأهم وطنيتها.. ينتظر اللبنانيون من الأجهزة الأمنية بذل ما تستطيع للإمساك بمطلوبين للقضاء معروفين بالاسم، وبعضهم معروف مكان إقامته. ربما يعتبر البعض أن الأجهزة الأمنية تستحق التهنئة والثناء لنجاحها في اعتقال أحد المطلوبين للعدالة. لكن هذا الثناء والتهنئة تصبح محل نظر حين تكون ملاحقة المطلوبين موجّهة إلى طرف دون غيره. فالعدالة حين لا تشمل الجميع تكون ظلما وجورا، وهو ما على الأجهزة الأمنية إثبات عكسه.