19 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف نواجه تحديات المستقبل الليبي؟

25 أغسطس 2011

بالأمس وبعد أن وصل الثوار الليبيون إلى طرابلس وحرروا باب العزيزية من آثار الدكتاتور وأنجاله وأعوانه ومن كل الفاسدين والمرتزقة توقعنا أن يلوذ الدكتاتور ومن معه إلى الفرار هرباً من غضبة وثورة هذا الشعب المتعطش للحرية التي سلبها منهم لمدة أربعة عقود من الزمن وبدأنا نفكر في مستقبل الشقيقة ليبيا وما هو المصير الذي ينتظر هذا القُطر العربي. وقبل الفرار من باب العزيزية وقبل أن يحرر الثوار هذا الحصن المنيع الذي كان ملاذاً للدكتاتور وأنجاله وأعوانه تناقلت الأنباء بأن نجل القذافي سيف الإسلام تم اعتقاله وأنه سوف يقدم لمحكمة العدل الدولية لكنه ظهر فجأة بشكل استعراضي وهو يهدد الشعب الليبي بمزيد من المذابح وبمزيد من إراقة الدماء الطاهرة وكأن أربعين عاماً لم تشف غليله ووالده من امتصاص دم الشعب الليبي. لم يكتف القذافي وأنجاله ومعهم المرتزقة من قمع وإرهاب وبطش وقتل على مدى أربعين عاماً بحق الشعب الليبي وها هم يستمرون في "عنترياتهم" وفي "جنونهم" ويهددون بذبح الشعب الليبي تماماً كما ردوا في بداية الانتفاضة السلمية للشعب الليبي الذي خرج مسالماً مطالباً بحقوقه المشروعة بالحرية والعدالة الاجتماعية لكن الدكتاتور ومن معه قرروا مواجهة هذه الانتفاضة السلمية بالطائرات والدبابات والمدفعية وكلنا يذكر ما قاله القذافي وما هدد به بأنه سوف يلاحق هذا الشعب من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع ومن زنقة إلى زنقة، مما استدعى الأمة العربية أن تتحرك لمنع هذه المذبحة، ونظراً لعجز النظام الرسمي العربي الذي لا يختلف دكتاتورية في أغلب دوله عن دكتاتورية القذافي غضينا الطرف عن تدخل حلف الناتو الذي نعرف جيداً أن هذا الحلف لن يكون حليفاً للأمة العربية، ولن يكون مدافعاً عن ديمقراطية أو حرية الشعب الليبي، بل إنه يبحث عن مصالحه ونعرف جيداً أن مصالح هذا الحلف تتناقض مع مصالحنا العربية ولكن ما العمل ونحن نرى الدكتاتور قد بدأ في تنفيذ هذه المذبحة بحق أشقائنا الليبيين. إن استدعاء حلف الناتو جاء نتيجة منع مذبحة كاد أن يفعلها الدكتاتور بحق شعبه لكننا ورغم غض الطرف عن هذا الاستعداء والموافقة عليه مكرهين إلا أننا كما كنا نخاف على الشعب الليبي من بطش الدكتاتور، نخاف اليوم من نتائج تدخل هذا الحلف أيضا، ومن نتائج تدخله وما هو الثمن الذي سيطالب به هذا الحلف بعد سقوط الدكتاتور، ونسأل أيضا عن مستقبل الشقيقة ليبيا وعن عروبتها بعد أن سمعنا أن هناك بعض الأصوات التي تطالب بمسح "عروبة" ليبيا.. وبعد أن سمعنا أيضا أن بعض المشاركين بالثورة طالب بتغيير اسم شارع جمال عبدالناصر ليصبح باسم الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي.. وبعد أن سمعنا أيضا أن الفيلسوف الفرنسي برناند هنري نقل رسالة إلى رئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو من بعض أعضاء المجلس الوطني الانتقالي الليبي بإمكانية اعتراف الثورة الليبية بالكيان الصهيوني وإقامة علاقات دبلوماسية معه. لهذا كله لابد لنا الآن التفكير جدياً بمستقبل الشقيقة ليبيا بعد زوال القذافي ونظامه الدكتاتوري ونحسب ألف حساب لما هو قادم من حلف الأطلسي وما هو الثمن الذي سيطالب به ومن مخاطر ما يشاع بالسماح لقوات برية تتواجد في ليبيا لأن هذا التواجد سيشكل خطراً على ربيع الثورات العربية، خاصة الثورة المصرية التي نعلق عليها الآمال في قيادة الأمة العربية بعد أن تنتصر. كما يجب أن نحسب ألف حساب لبعض الأصوات من بعض الثوار الذين بدأت نواياهم تطفو على السطح، خاصة حول هوية ليبيا العربية ومحاولة طمسها لأن عروبة ليبيا أولاً، كما أن التطرف والتعصب والجمود والتحجر وتناقض وصراع التوجهات سيكون وبالاً على مستقبل ليبيا، وهنا لابد من إجمال الليبيين على رؤية مشتركة في إطار العمل الوطني والقومي بعيداً عن المصالح الذاتية والمكاسب الشخصية أو القبلية، وهذا يعتبر من أهم التحديات أمام الثورة.. لهذا كله نقول: كيف نواجه تحديات المستقبل الليبي؟!!