17 سبتمبر 2025
تسجيللا غرابة أن يصوت برلمان دولة الاحتلال التي تمارس الإبادة الجماعية في غزة على رفض إقامة دولة فلسطينية، خاصة أن أكثر من 60 نائبا في الكنيست قد وقعوا على قبول مناقشة هذا القرار. ولكن هذا القرار يكشف الأمور بدون أي شكوك لمن كان لديه أمل أن تكون هناك دولة فلسطينية عبر عملية التسوية التي بدأت في مدريد وأوسلو. وينص القرار أن الكنيست يعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية، ويعتبر أن إقامتها ستشكل خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها وستؤدي إلى إدامة الصراع وزعزعة استقرار المنطقة". مع وجود دول عدة تعترف من جانبها بالدولة الفلسطينية فقد رفض كنيست دولة الاحتلال الإسرائيلي الإعلان من طرف واحد عن دولة فلسطينية، ولكن النقاش الأخير في الكنيست وصل إلى مرحلة بالغة من العجرفة إذ يرفضون حتى قيام دولة فلسطينية بالتفاهم مع دولة الاحتلال. وهذا يؤكد أنه في دولة الاحتلال لا أحد يدعم وجود دولة فلسطينية ذات سيادة، وأولئك الذين يدعمون خيار التسوية أيضا لا يدعمون وجود دولة وإنما يريدون نوعا من الإدارة يرونه من منظور أمني وعلى مستوى صورة دولة الاحتلال أكثر توفيرا للأمن وأقل تكلفة عليهم وإلا فإن حكومات العمل والليكود التي تعاقبت منذ اتفاق أوسلو كانت تعمل باستمرار على تقويض كل مقومات بناء كيان فلسطيني حتى من قبل السلطة الفلسطينية. إن النقطة المهمة هنا أيضا أن أحدا من الأحزاب الصهيونية الأخرى لم يعارض القرار وهذا يؤكد أنه لا أحد في دولة الاحتلال يقبل بوجود كيان فلسطيني. لقد مارسوا سياسة تقطيع الوقت من أجل توسيع المشروع الصهيوني وهدم كل مقومات بناء كيان فلسطيني وعزل الفلسطيني عن محيطه العربي والإسلامي والاستفراد به والتطبيع مع الدول العربية والإسلامية تحت شماعة وجود مفاوضات تسوية وعملوا على تعميق الانقسام الفلسطيني وسرقة ثروات ومقدرات الشعب الفلسطيني، وكانوا في الرمق الأخير لتصفية القضية الفلسطينية قبل 7 أكتوبر التي جاءت لتفضح وتكشف حقيقة الموقف الصهيوني وحقيقة كل الحلول التصفوية الهزيلة التي لم تقدم سوى الفتات للشعب الفلسطيني أو تجعل من يتعامل معها كمجرد حارس أمني لدولة الاحتلال. ويأتي القرار قبل زيارة محتملة لنتنياهو للكونجرس الأمريكي وفي ظل دعم الإدارة الديمقراطية المدعى لحل الدولتين دون أن تقوم بأي ضغوط حقيقة على الاحتلال أو على الاستيطان الذي يتوسع على أشده في السنوات الأخيرة، وفيما يرى أن هذه الخطوة قد تثير غضب الديمقراطيين فإن الحقيقة أن الديمقراطيين إما عاجزون عن الضغط أو أن سياستهم هي التغطية على سلوك دولة الاحتلال مع خطاب مختلف يحاول أن يبدو داعما لوجود دولة فلسطينية. إن هذا القرار محطة مفصلية أمام المشهد الوطني الفلسطيني يعزز شرعية خيار المقاومة ويجعل كافة الأطراف الفلسطينية أمام مسؤولياتها أمام هذا العدو المتوحش الذي يستبيح الدماء ولا يعترف بوجود الإنسان ولا الكيان الفلسطيني. ولذلك لابد من إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني بطريقة تحميه من هذا العدو وتجمع كل الجهود بما يخدم مشروع التحرير لا مشروع الاحتلال لاستكمال السيطرة على ما تبقى من فلسطين.