16 سبتمبر 2025
تسجيلهل تغير العدو؟ هل انصلح ميلان ميزان القوة بيننا وبينه؟ هل قبل العدو بمرجعية حدود ال67 للمفاوضات؟ هل التزم بوقف الاستيطان كما كان يشترط عباس لاستئناف المفاوضات.. فإذا كان الجواب لا ولا ولا ولا.. فإنه ليس من الصعوبة اكتشاف أن قيادة رام الله إنما تكرر الفشل ذاته وتدور حول الخيبة التي ظلت ولا تزال تدور حولها منذ أكثر من 23 سنة من المفاوضات العلنية ومثلها وأكثر منها من على طريقة المخاتلات والمخادعات والتحتيات.. لن يتأخر طويلا اليوم الذي سيرى فيه الشعب الفلسطيني أن مفاوضيه عادوا من لدن العدو بخفي حنين، وأن كل ما وعدهم به جون الأجنبي من إمكانية صنع حل لم يكن إلا حصاد الغرور، وأن المفاوضات لم تكن أكثر من الشق السياسي أو الاستثمار السياسي من الهجمة الأميركية الصهيونية التي شقها العسكري هو انقلاب السيسي على الشرعية في مصر.. أفهم أن يكون وزير الخارجية الأميركي ذا شخصية مؤثرة ولولا ذلك ما تبوأ محله، وأفهم أن يكون له منطق في الدفاع عن حق " إسرائيل " في الأمن فهي حليفتهم ومشروعهم في المنطقة، وأفهم أن تكون لهذا ال" كيري " قدرة على تبرير الهجوم الناعم الأميركي على المنطقة ؛ فأميركا هي بلده ولمقتضياتها الإستراتيجية في منطقتنا وجاهة في وجدانه يستطيع أن يعبر عنها.. وأفهم أيضا أن للعدو الصهيوني مقتضياته في إطلاق عملية مفاوضات ممتدة تفكك الضغوط الدولية التي يواجهها بتسببه في الاحتشاد السياسي في المنطقة ونوعا من الهروب من انتفاضة ثالثة باتت المنطقة مؤهلة لها.. ولكن الذي لا يمكن فهمه هو أن يقبل المفاوض الفلسطيني كل ذلك ناسيا أو متناسيا ما خبره عن هذا العدو، وناسيا أو متناسيا قضيته ومصالحه المؤتمن عليها وعلى حصائلها الثورية والسياسية والإعلامية وعلى مكتسبات شعبه؟ والسؤال: إن كان السيد عباس مستعجلا أو جانبه الصواب فأين اللجنة التنفيذية للمنظمة وإن أساءت هذه تقدير الموقف فأين المجلس المركزي وإن أساء هذا أيضا فأين المجلس الوطني؟ وإن انحرفت اللجنة المركزية لفتح فأين المجلس الثوري؟ الحقيقة أننا أمام معضلة ليست في قدرة القيادة المتنفذة في المنظمة على تقدير الموقف ؛ ولكن – والأخطر - هو انفرادها بالقرارات.. وعجز مؤسسات القرار الرسمية في المنظمة عن لجمها أو تسديدها.. يقول السيد " حسن خريشة " نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب موضحا كيفية اتخاذ القرارات داخل مؤسسات المنظمة: "يجتمع عباس باللجنة التنفيذية، فيقولون ما يقولون، ثم يخرج عباس ليقرر ما يريد، ويطلب من أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة - ياسر عبدربه – صياغة ذلك على أنه خلاصات الاجتماع، ثم يمضي عباس لما يريد، فإن عوتب أعضاء اللجنة أو سئلوا أين أنتم؟ أعادوا ما قالوا في الداخل ولم يفعلوا شيئا.. ". والحقيقة أن إطلاق المفاوضات في هذا التوقيت بالذات - وإضافة لعلاقته بالوضع في مصر - له علاقة بالضغوط الدولية على العدو لتغيير موقفه من الفلسطينيين والخروج من الجمود والوضع الراهن ذلك ما أكده " جدعون ليفي " المراسل " الإسرائيلي " في الضفة الغربية عند تعليقه على تزايد الدعوات لقطيعة اقتصادية مع " إسرائيل " مستدلا بجدوى القطيعة الاقتصادية في جنوب إفريقيا على ترجِيح أن لا يصمد الاقتصاد الصهيوني أمام هذه القطيعة.. " ليفي " أشار أيضا إلى أنّ بنوكا كبرى في أوروبا ينتشر نشاطها في كل العالم فحصت إمكانية منع القروض لشركات صهيونية لها صلة تجارية أو اقتصادية مع المناطق الفلسطينية المحتلة، وحذر من أن هذه الخطوة لا يمكن الاستخفاف بشدة مخاطرها على الاقتصاد " الإسرائيلي ". والحقيقة أيضا أن الفلسطينيين المعتدلين! يضيعون اليوم فرصة بعد آلاف الفرص من قبل لحشر " إسرائيل " في الزاوية وتجييش العالم ضدها، وها هم يرتضون أن يكونوا في السوقة لا في المقدمة وعند الذيل لا عند الرأس.. لا أدري كيف سيفاوضون العدو بعد اليوم وهم في هذه الحالة البائسة المزرية من النفاق والتبعية والتهرؤ والزحف على بطون الأيدي وظهور الأقدام.. ولكن يبدو أن شرفا ما لم يرد الله تعالى أن يرفعهم إليه (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون). آخر القول: إن المفاوض الفلسطيني يتلبط تحت الهيمنة الصهيوأميركية وفي هذا السياق هو يتجاهل الحقائق الألف بائية للصراع وعلى استعداد ليمارس النصب السياسي وليلدغ من ذات الجحر الواحد ألف مرة.. أما العدو الصهيوني فدينه وديدنه الكذب، وعقيدته الصراع والدماء، وأنشودته الموت والآلام.. وعليه فالمراهنة على مفاوضات هذان طرفاها إنما هي العمه السياسي والعته الدبلوماسي والضلال بعينه..