14 سبتمبر 2025

تسجيل

الفريق محمد نجيب في ذكرى 23 يوليو

25 يوليو 2013

ولد محمد نجيب في عام 1901م في كفر الزيات بمصر ونشأ وترعرع في أسرة عسكرية تقيم في السودان فهو ابن لأحد الضباط المصريين العاملين بالسودان، كما كان جده وأخواله عسكريين أيضاً ولكنهم ماتوا ودفنوا في السودان الشقيق. كان محمد يتمنى أن يصبح ضابطاً كأبيه "يوسف" ولكن واجهته مشكلة وهي أن طوله كان ينقص سنتيمتراً واحداً كي يجتاز الفحص الطبي للتقدم للمدرسة الحربية، واستطاع بممارسة التمرينات الرياضية أن يحقق اللياقة المطلوبة، رغم نصيحة والده بدراسة الحقوق، لأن مستقبله في المحاماة في ظل الاستعمار الإنجليزي ربما كان أفضل. كذلك نصحه إبراهيم عرابي "ابن أحمد عرابي المقيم في السودان آنذاك" بترك ميدان العسكرية لأن الضابط أصبح رئيس أنفار، وقال له بالحرف الواحد: "يا بني.. إن الضابط في بلد محتل ليس سوى رئيس فعله ولا يتعدى عمله الحفر والردم". على أي حال تخرج محمد في المدرسة الحربية ووضع نصب عينيه نصيحة والده وهي دراسة القانون، ونجح في الحصول على ليسانس الحقوق ودبلومين وعين فيما بعد مساعد نائب أحكام الجيش المصري، ومن خلال هذا الموقع الوظيفي استطاع محمد أن يؤدي خدمة جليلة، فقد جرت محاولة لمحاكمة الضابط الشاب أنور السادات أمام مجلس عسكري بتهمة التجسس، وكان المجلس يضم بعض الضباط الإنجليز، ولكن محمد "مساعد نائب أحكام الجيش" الذي كان متعاطفاً مع هذا الضابط اعترض على تكييف التهمة، وأقنع الجانب الإنجليزي بعدم كفاية الأدلة، وانتهى الأمر بطرد السادات من الجيش في 8 أكتوبر 1942م، وبذلك جنبه تهمة ربما أدت به إلى حبل المشنقة، ليصبح فيما بعد ثالث رئيس لجمهورية مصر ويحقق الانتصار في معركة أكتوبر 1973م. عرف محمد بالوطنية، وقد تجلى هذا حينما حاصر الإنجليز قصر الملك فاروق في 4 فبراير 1942م لإجباره على قبول وزارة بعينها أو عزله "الملك" ورضخ الملك، وحزن الشعب والجيش على إهانة مليكه، وكان محمد هو الضابط الوحيد الذي قدم استقالته للملك احتجاجاً على مسلك الإنجليز، ولكن الياور عبدالله النجومي السوداني الأصل أقنعه بسحبها. وتقوم حرب فلسطين ويظهر محمد من ضروب الشجاعة والإقدام والجرأة ما جعله مضرب الأمثال لضباطه وجنوده فضلاً عن إصابته أكثر من مرة في هذه الحرب. وعاد الضابط الكبير من حرب فلسطين يتجرع، وزملاؤه من الضباط الأحرار، غصص الهزيمة والخيانة والأسلحة الفاسدة التي فتكت بالكثير من الضباط والجنود فتكاً ذريعاً. عاد الضباط البواسل من معركة فلسطين إلى معركة أخرى.. هي معركة القضاء على الفساد في مصر، فقد أصبح الملك مالكاً لا ملكاً، وأحاطت به حاشية فاسدة إحاطة الأطواق للأعناق. صمم الضباط الأحرار على تطهير مصر من الملكية المستبدة الفاسدة، فاختاروا أخلص الضباط وطنية لهذا العمل الجليل، وكان على رأس الجميع محمد الذي أظهرت الأيام حقيقة معدنه للترشيح لهذا العمل الكبير. عرض هذا العمل الكبير على محمد وبلا تردد قبل بطلنا القيام بهذه المهمة الصعبة الشاقة.. وفوجئ العالم بالثورة وقائدها، الثورة كانت ثورة 23 يوليو 1952م وقائدها هو اللواء محمد نجيب ودهشت الدنيا بسرعة تنازل الملك فاروق عن العرش ومغادرة البلاد في 26 يوليو 1952م. وعلى ظهر السفينة "المحروسة" التي كانت تقل فاروق وأسرته إلى منفاه، صعد قائد الثورة الفريق محمد نجيب ومعه زملاؤه، ثم أدى التحية العسكرية للملك المعزول وتصافحا باليد وانطلق القائد قائلاً: "إنني أريد أن أقول لك شيئاً.. عندما اقتحمت الدبابات البريطانية قصرك في 4 فبراير 1942م، كنت أنا الضابط الوحيد الذي قدم استقالته احتجاجاً على هذا الاعتداء الشنيع على استقلال البلاد فعلت هذا باسم الجيش كله وعبرت عن شعور هؤلاء الضباط الذين قاموا بالحركة اليوم.. وفي هذا ما يدل على مبلغ ما كان من ولائنا نحن رجال الحركة لك.. أما الآن فقد تطورت الأحوال وانقلبنا نحن حماتك إلى ثوار عليك نتيجة أعمالك وتصرفات من حولك".