15 سبتمبر 2025
تسجيللقد كانت ثورة النبي صلى الله عليه وسلم من أروع الثورات البشرية حيث أن أتباع ثورته من الضعفاء الذين أخرجتهم الثورة من الضعف إلى القوة، ومن الذلة إلى العزة. كما أنها وضعت منهجا واضحا في محاربة الثورات المضادة، ذلك المنهج الذي يقوم على الاتفاق في بداية الأمر، ثم محاربة الغادر وإخراجه من الوطن لتنقية الأجواء وتصفية المجتمع من المنافقين والدخلاء، وذلك ما حدث مع اليهود ثم مع قريش. وهي ثورة تجمع بين الناس، ولا تفرق بينهم، وتبدأ بالمصالحة عند انتصار الثائر الحق، وهذا ما فعلته ثورة النبي -صلى الله عليه وسلم عندما انتصرت على كفار مكة ودخل النبي فاتحا وتأسست الدولة الإسلامية وأصدر عفوا عاما عن الذين آذوا المسلمين وعذبوهم، لتبدأ مرحلة البناء وإزالة الشحناء، عاملا بقوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم). كما أنها ثورة تبني وتعمر، ولها مراحل، كل مرحلة لها ميقات معلوم، فهناك مرحلة الهجرة التي أعلن النبي عن انتهائها وقال: (لا هجرة بعد الفتح وإنما جهاد ونية). وهي ثورة قامت على المشورة مع شركاء الثورة وأتباعها كما أنها ثورة أفرزت ثائرين ضلالا في المجتمع، مثل ذي الخويصرة، أن أبا سعيد الخدري قال: "بينما نحن عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو يَقْسِم قَسْما، أتاه ذو الخُوَيَصِرة - وهو رجل من بني تَميم - فقال: يا رسولَ الله، اعدِلْ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ويلَكَ، ومن يَعْدِلُ إذا لم أعْدِلْ ؟ - زاد في رواية: قد خِبْتُ وَخسِرْتُ إن لم أعْدِلْ - فقال عمر بن الخطاب: ائذن لي فيه فَأضرِب عنقه، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: دَعْهُ. فإن له أصْحَابا يحقِر أحَدُكم صلاتَه مع صلاتِهِم، وصيامه مع صيامهم" زاد في رواية "يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقُون من الإسلام. وفي رواية: من الدِّين - كما يمرق السهمُ الرَّمِيةِ، ينظر أحدهم إلى نصِلِه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رِصافِه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نَضِيَّه لا يوجد فيه شيء - وهو القِدْح - ثم ينظر إلى قُذَذه فلا يوجد فيه شيء، سبقَ الفَرْثَ والدَّم، آيتهُمْ: رجل أسودُ، إحدى عضديه - وفي رواية: إحدى يديه - مثلُ البَضْعة تَدَردَرُ، يخرجون على حين فُرْقةِ من النَّاس" قال أبو سعيد: "فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن طالب قاتلهم وأنا معه، فأمرَ بذلك الرجلِ، فالتُمِسَ فوِجدَ، فأُتِيَ به حتى نَظَرتُ إليه على نَعتِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي نعتَ". رواه النسائي