13 سبتمبر 2025
تسجيلمن المتوقع ان يخاطب نتنياهو الكونغرس الامريكي بغرفتيه بعد عدة ايام. وقد قامت الصهيونية العالمية بترتيب هذا الخطاب رغم جرائم الحرب والابادة، ورغم القضايا المرفوعة لدى محكمة الجنايات الدولية وطلب المدعي العام من المحكمة اصدار قرار باعتقال نتنياهو، ورغم قرارات محكمة العدل الدولية، وايضا رغم مواقف الرأي العام العالمي المتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. انها المحاولة البائسة لإنقاذ المشروع الصهيوني من الانهيار الحتمي الذي بدأت تلوح بوادره في الافق. نتنياهو بحاجة ماسة الى مادة دسمة حتى يحول خطابه الى شرارة لإشعال فتيل حرب اقليمية تضمن استمراره في الحكم وتؤكد على رص صفوف المشرعين في الكونغرس والحصول على تأييدهم المطلق (كرها او عن طيب خاطر) لمشروع الشرق الاوسط الكبير بقيادة الكيان الصهيوني. من أجل ذلك لابد من شماعة يعلق عليها كل الفشل الذي لحق به وبجيشه في حربه الهمجية ضد المقاومة الفلسطينية وضد الوجود الفلسطيني في غزة. وهذه الشماعة تتلخص في ان الكيان الصهيوني يخوض حربا «وجودية» وانه دون حصوله على دعم مطلق فإن نهاية ما يسمى «دولة اسرائيل» حتمية، وبالتالي فإن المشروع الصهيوني في المنطقة سوف ينهار وتنهار معه كل مصالح واطماع أمريكا في المنطقة الى غير رجعة. من أجل هذا فإن نتنياهو بحاجة الى حرب لا هوادة فيها على لبنان بحيث يضمن ردا صادما من حزب الله يقود إلى تدمير كبير في شمال فلسطين المحتلة عام 1948 حتى يوصل فكرة الحرب الوجودية. أما تداعيات الحرب في هذه الجبهة ستكون صادمة وستقود الى حرب شاملة في الشرق الأوسط تكون نتائجها مدمرة ويعاد فيها ترسيم الحدود من جديد. لم يكن الاجتماع السري لرئيس أركان الحرب الصهيوني مع قيادات جيوش بعض الانظمة العربية في البحرين منذ فترة مجرد صدفة وانما هي خطوة اولى لإنشاء تحالف عسكري في حرب شاملة ضد المقاومة الفلسطينية الباسلة أولا وضد قوى المقاومة اللبنانية واليمنية والعراقية وايران وكل من يعارض مشروع «الشرق الأوسط الكبير». هناك دول تعتبر ان استمرار أنظمتها مرتبط ارتباطا عضويا بدعم الكيان الصهيوني. تماما كما قامت الانظمة العربية ببيع فلسطين للصهاينة منذ وعد بلفور وحتى عام النكبة! وكأن التاريخ يعيد نفسه. انما اليوم شعوب العالم بدأت تدرك ان النظام العالمي السائد والقائم حصرا على حماية مصالح الدول الاستعمارية والدول الكبرى وان منظومة ما يسمى بالديمقراطية وحقوق الانسان والقانون الدولي انما وظفت لضمان الاستيلاء الكامل على موارد المنطقة والدول الضعيفة وان كل هذه المنظومة سقطت مع سقوط الأقنعة جمعيها. فلن يعود ممكنا اقناع جيل الشباب العالمي بأن النظام العالمي السائد يقوم على العدل وكل ما تم تلقينهم به من قبل. هناك حقائق لا يمكن تغييرها أولا: ما بعد طوفان الأقصى لن يكون كما قبله. فكل الأقنعة سقطت وتكشفت كل الحقائق. ثانيا: الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في غزة العزة والمقاومة الفلسطينية الباسلة أعطى دروسا لكل الانسانية لا يمكن انكارها ولا نسيانها. ثالثا: الوعي المكتسب لدى الشباب في كل العالم وبالتحديد الشباب المثقف في أمريكا وأوروبا سوف يكون تأثيره ملموسا في تشكيل الحكومات القادمة خلال العقد أو العقدين القادمين. اخيرا وليس اخرا فإن انهيار المشروع الصهيوني في المنطقة قد بدأ فعلا ولن يكون هناك عودة الى الوراء. لهذا فإن منسوب الاجرام عند الكيان الصهيوني ارتفع الى أقصى مدى لإدراكهم هذه الحقيقة، وكما قال لي استاذ التاريخ المعروف البرفيسور الان باببي (Prof. Ilan Pappe) حين التقيته في مؤتمر في الدوحة في شهر شباط الماضي حيث أجابني عن سؤالي: متى نرى انهيار الكيان قال: لا اقدر ان اجزم المدة الزمنية اللازمة لنهاية المشروع الصهيوني في المنطقة قد يكون سنتين او ثلاثا او حتى عشرة اعوام انما الانهيار حتمي ومؤكد!.