23 سبتمبر 2025

تسجيل

الأردوغانومك

25 يونيو 2023

التجربة التركية في التعامل مع التضخم فريدة في اسلوب التعامل مع معدلات التضخم، ما قام به أردوغان من خفض لأسعار الفائدة في مخالفة للمفاهيم الاقتصادية الكلاسيكية وهي مواجهة التضخم برفع معدلات الفائدة، كان لها آثار وتستحق التأمل لأن هناك دروسا كثيرة يمكن رصدها وتقييمها ولتكون منارة وحالة يقاس عليها، بطبيعة الحال من زاوية اقتصادية بحتة هو اهمية استقلالية المصرف المركزي وعانى محافظو المصارف المركزية من ضغوط السياسيين بما ان رفع اسعار الفائدة يكون له آثار صعبة على الاقتصاد على المدى القصير فيتأثر معدل النمو الاقتصادي ويتراجع ويرتفع معدل البطالة وتكون له آثار جد سلبية على رضا الناخبين ولذلك عادة ما يقدم السياسيون في فترات الانتخابات على خفض معدلات الفائدة لرفع مستوى النمو ورفع معدلات التوظيف وهذا يمكن السياسيين على حساب الاقتصاد من الاستحواذ على اصوات اكبر وتحاشي عدم الرضا في حالات رفع معدلات الفائدة، لذلك عادة ما سعى محافظو المصارف المركزية إلى الاستقلالية وتفرغهم للعمل لإدارة الشأن الاقتصادي حسب المؤشرات الاقتصادية دون النظر للنتائج في الانتخابات وصناديق الاقتراع، عودة المصرف المركزي بعد الانتخابات الاخيرة للمفاهيم الكلاسيكية تبشر بإمكانية سيطرة المصرف المركزي التركي على معدلات التضخم المنفلتة والتي ادت الى تراجع سعر صرف الليرة التركية لمستويات تاريخية امام الدولار والعملات الاخرى، رفع مصرف تركيا المركزي سعر الفائدة بثمانية في المائة قليل بعد وقت طويل من عدم معالجة المعضلة وبعد بلوغ معدلات التضخم اكثر من ثمانين في المائة وهذه معدلات غير مسبوقة، لن تكون هذه الخطوة كافية لإعادة الثقة او تحسن سعر صرف الليرة، فما زال هناك هامش كبير بين المردود وهامش التضخم والدرب طويل والمعاناة قد تكون قاسية قبل استعادة السيطرة على معدلات التضخم فهل تركيا مستعدة، تراجع صرف الليرة ساعد تركيا على المحافظة على النمو الاقتصادي ورفع من الصادرات التركية لمستويات غير مسبوقة، لكن عدم استقرار صرف العملة كان له آثار صعبة على الاستثمارات والثقة بالليرة التركية لدرجة افقدت الليرة قدرتها على الاستقرار، اسعار السلع والخدمات تزداد باطراد فتراجعت القوة الشرائية للمستهلك وواجه المستهلك صعوبات في الوفاء بالتزاماته وتواجه الشركات والحكومة صعوبة في الوفاء بالتزاماتها وخدمة ديونها ويتراجع المستثمرون عن الاستثمار في الاقتصاد مما يعود على الاقتصاد بالتراجع في النمو، هناك معدلات مقبولة وهي ما بين اثنين وثلاثة في المائة كمحفز للمنتج ومختلف المشاركين في العملية الاقتصادية، لكن المعدلات الاعلى تكون لها آثار سلبية وقد رأينا مختلف المصارف المركزية من الولايات المتحدة الى اوروبا ترفع معدلات الفائدة دون تردد والفيدرالي يهدد كل يوم برفع معدلات الفائدة ان تجاوزت الحدود المستهدفة، التجربة الاردوغانية عززت مفهوم رفع الفائدة كإجراء اساس لضبط معدلات التضخم واستقلالية المصارف المركزية اساس لصيانة وحماية الاقتصادات بعيدا عن الميول السياسية ومن اجل اقتصاد ومسؤولين اقتصاديين قادرين على سن سياسات نقدية مناسبة للاحوال الاقتصادية لا بد من استقلالية القرار النقدي والادارة الاقتصادية للدول، ولذلك اقتراح السلطة الرابعة المستقلة وهي المصارف المركزية، اذا هناك السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية والسلطة الرابعة وهي السلطة النقدية والمكلفة بالاستقرار الاقتصادي من معدلات التوظيف الى معدلات النموا الاقتصادي الى استقرار العملة الى اسعار الفائدة، سيحسب لأردوغان في حال سن قانون يعزز من استقلالية المصرف المركزي التركي وهو من يملك اليوم التجربة الاعمق التي تمكنه من اخذ قرار كهذا يكون علامة يستدل بها لباقي دول المنطقة، اذا كان الاقتصاد يحظى بالاهمية التي يدركها الجميع يجب ان يكون القرار الخاص به مستقلا يخدم الاقتصاد دون مراعاة مصلحة السياسيين.