16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن من أبرز ركائز رؤية قطر الوطنية 2030 تنويع القاعدة الاقتصادية للبلاد والحد من الاعتماد على الصادرات عبر تشجيع الصناعة المحلية. وقد استطاع قطاع الإنتاج الصناعي في قطر عبر عدد من الشركات الخاصة والحكومية أن يحقق نموا كبيرا خلال الأعوام القليلة الماضية نتيجة إلى الإنفاق الحكومي الهائل على مشاريع البنية التحتية والطلب القوي والمتزايد على المنتجات اللازمة لتلبية احتياجات الطفرة العمرانية التي تشهدها البلاد حاليا. ولكن يجب على هذه الشركات أن تأخذ بعين الاعتبار أن ربحية قطاع الإنتاج الصناعي في المدى البعيد يكمن في قدرتها على التكيُّف مع الشركات التنافسية السائدة والتراجع المرجَّح للاستثمار في مشاريع البنية التحتية.حيث خلال العشرة أعوام الماضية ولغاية عام 2013 ارتفعت قيمة ناتج التصنيع في قطر من 12.4 مليار ريـال قطري إلى 32.9 مليار ريـال قطري (عند تثبيت أسعار عام 2004). وخلال تلك الأعوام، ازداد على نحو واسع تنوُّع الشركات العاملة في المجال الصناعي. وخلال الفترة ذاتها، شهدت البلاد نشاط في حركة التصنيع سواء من خلال البدء بتصنيع منتجات جديدة، أو زيادة الإنتاج، مثل الخرسانة الجاهزة والكوابل والأنابيب، وهي مواد أساسية لدعم نهضة البلاد.وعلى سبيل المثال، في عام 1994، تراوح عدد الشركات المنتِجَة للخرسانة الجاهزة في قطر بين 15-12 شركة. غير أن هذا العدد ارتفع إلى 55 شركة في عام 2008، ويبلغ عددها اليوم حوالي 80 شركة. وتنعم قطر بموارد من شأنها أن تعزز تنافسية الشركات القطرية أمام نظيراتها الأجنبية المنافسة لها. فالطاقة هنا رخيصة الكلفة، الأمر الذي يسهم، على سبيل المثال، في منتجات بأسعار منافسة، مثل الألمنيوم والمواد البلاستيكية. ومن تلك الموارد أيضاً ما تتمتع به قطر من أراض واسعة، ووفرة المواد الأساسية مثل حجر الجير والرمال المستخدمة في تصنيع الإسمنت. ومن المزايا المهمة في حال التصنيع المحلي هو تخفيض تكلفة النقل بشكل كبير. ورغم كل ذلك، قد يكون من الصعب على الشركات القطرية أن تنافس. فقد اجتذب اقتصاد البلاد الذي يشهد نمواً وكبيرا ومتسارعاً، مقروناً بالاستثمارات الطموحة بمشاريع البنية التحتية، الشركات الأجنبية من بلدان مجلس التعاون وخارجها. وتتمتع بعض تلك الشركات بمزايا تنافسية. وعلى سبيل المثال فإن شركات الإسمنت السعودية متكاملة، إذ تملك كسارات الحجارة ومصادر الرمال ومصانع الإسمنت معاً. وثمة مثال آخر هو كوابل الألياف البصرية المصنَّعة بالصين إذ تتميز بأسعارها المتدنية مقارنة بالأسعار العالمية. وفي الوقت ذاته، تعتمد الشركات القطرية إلى حد بعيد على المواد الأولية المستورَدة، مثل غبار السيليكا ومسحوق الرماد المتطاير والركامة، وصخور الجابرو المستخدمة في تصنيع الإسمنت والخرسانة، والنحاس المستخدم في تصنيع الكوابل. ولا عجبَ أن قطاع التصنيع الآخذ بالتطور في قطر قد شهد فترات من المنافسة الحادة، وتذبذب الأسعار، والأسواق المجزئة، الأمر الذي قلص الربحية. وفي الوقت الحاضر، تتوقع الشركات الصناعية في قطر أن تعزز مشاريع البنية التحتية المتلاحقة المنفذة خلال خمسة إلى ثمانية أعوام المقبلة أرباحها وأن تحقق أفضل عائد للمستثمرين. وسيرتفع إنتاج الإسمنت من 6 ملايين طن سنوياً في عام 2010 إلى 10 ملايين طن سنوياً خلال الفترة بين عامي 2018-2015. وخلال الأعوام الخمسة المقبلة ستستحوذ الأنابيب وحدها على قرابة 15 بالمئة من حجم الإنفاق على البنية التحتية، بدءاً من أنابيب المياه والصرف الصحي ووصولاً إلى الأنابيب الضخمة للمترو وسكة الحديد. ومن المتوقع أن يشهد عام 2014 منح عدد كبير من عقود مشاريع البنية التحتية.والشركات الصناعية تعرف عن يقين أن طفرة الاستثمار في البنية التحتية قد تنحسر ذات يوم. ولن يؤثر ذلك على اقتصاد البلاد، فمن المرجح أن يواصل اقتصاد قطر مسيرة النمو، وأن يزداد تعداد سكانها، وسيظل قطاع الإنشاءات من أهم قطاعات الأعمال. لكن ثمة خطرا أن يقود تقليص الإنفاق العام إلى طاقة إنتاجية فائضة في بعض القطاعات لنعود مجدداً إلى مرحلة التنافسية الحادة. ولكن الشركات القطرية بعيدة النظر قد بدأت من اليوم بالتفكير بكيفية تحقيق ربحية مستدامة كافية بعد عشرة أعوام من الآن. وفي المجمل، يمكننا أن نتحدث عن مسارَيْن اثنين لتحقيق ما سبق، أولهما التنويع. ومن الأمثلة اللافتة هنا قيام «الدوحة للكابلات»، التابعة لـ«شركة أعمال»، بالتخطيط لتشييد مصنع للمحوِّلات، فضلاً عن تفكيرها بتنفيذ عدد من المشاريع الأخرى ذات الصلة. كذلك قامت «أعمال للخرسانة الجاهزة»، التابعة لمجموعة الأعمال القطرية الريادية، بتنويع أنشطتها التصنيعية لتشمل صناعة الألواح والبلاط (للأرصفة على سبيل المثال) وكذلك طورت آلياتها لتضم مضخة الأبراج العالية المستخدَمة لضخ الخرسانة الجاهزة مباشرة من الخلاط إلى البرج أثناء التشييد. ومن جوانب التنويع المحتملة البحث عن أسواق للصادرات بالمنطقة وخارجها، مثل أسواق جنوب شرق آسيا. وأما المسار الآخر فهو خلق قيمة إضافية إلى البضائع والسلع والارتقاء بمعايير الفاعلية. ويمثل الانتقال من مرحلة تجميع السلع والبضائع، مثل الأجهزة المختلفة، من قطع مستوردة، إلى مرحلة التصنيع أحد أوجه هذا الارتقاء. ومن الأوجه الأخرى تطوير الجودة، ربما من خلال تدريب الموظفين بشكل أفضل، أو اختيار مصادر أفضل للمكوِّنات والمواد الخام، وتلبية احتياجات السوق المحلية. وتشمل الفاعلية عناصر أخرى مثل تكلفة العمالة، ومواكبة المديرين لأحدث التطورات في القطاعات التي تعمل بها شركاتهم، واستعداد المساهمين للاستثمار، وجودة الإدارة المحلية والخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء.لقد ارتفعت قيمة الناتج الصناعي في قطر خلال العقد الماضي، وهكذا يبدو جلياً أن مزايا التصنيع محلياً كبديل للاستيراد تفوق كثيراً أيَّ مآخذ محتملة. وثمة العديد من الشركات القطرية التي باتت على قَدْر تلك التحديات، ومن أجل البلد لابد أن تحقق تلك الشركات رؤيتها على أكمل وجه.