17 سبتمبر 2025

تسجيل

مصالح الصين والسودان تتجاهل "الجنائية"

25 يونيو 2011

زوبعة جديدة تثيرها زيارة الرئيس السوداني عمر البشير للصين.. السبب قضية المحكمة الجنائية المثيرة للجدل.. رأي السودان المعلوم أنه ليس عضوا في هذه المحكمة كما يعتبر دعواها ضد البشير تقوم على نوايا سياسية.. منظمات حقوق الإنسان منها هيومان رايتس ووتش شنت هجوما على الصين بسبب الزيارة المقررة خلال الفترة من 27 إلى 30 يونيو الحالي.. الصين ردت ببرود قائلة إنها ليست معنية بالمحكمة الجنائية لأنها ببساطة ليست عضوا فيها وقالت إنها تحتفظ برأيها الخاص فيما يتعلق بدعوى المحكمة الجنائية ضد البشير.. ما يربط السودان بالصين علاقات تتأسس على مصالح تجارية واسعة.. السودان يعتبر من أهم شركاء الصين التجاريين في إفريقيا.. رغم أن الانفصال سيُفقد السودان حوالي (3) أرباع سلعة النفط لكن ذلك لن يثبط علاقات البلدين.. زيارة رئيس الدولة ربما تأتي في هذا السياق المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي قال عن الزيارة "يبحث البلدان اللذان يقبلان الوضع الجديد كيفية التقدم بصداقتنا التقليدية ودفعها للأمام وتوسيع التعاون الشامل وتعميقة وتبادل الرؤى حول عملية السلام بين الشمال والجنوب وقضية دارفور". لعل أكبر ضربة تلقاها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص من السودان علاقاته الاستراتيجية مع الصين.. كانت هذه العلاقة ترياقا أبطل مؤامرة الحصار الاقتصادي والدبلوماسي على السودان بسبب مواقفه المبدئية من تحرير الإرادة الوطنية من أغلال الاستعمار الجديد.. السودان الذي اعتمد التنمية طريقا أوحد لتعزيز الاستقلال الاقتصادي والسياسي كان لابد وأن يصطدم بالاستعمار وأدواته في أثوابه الجديدة، فكانت الحرب التي أريد لها ألا تبقي ولا تزر.. الانفتاح على الصين صاحبة الحضارة العريقة و(المبرأة) من النزعة الاستعمارية والاستغلالية والدعم المرتبط بالأجندة كان طريقا سليما ورؤية استراتيجية آتت ثمارها فتدفق البترول السوداني لأول مرة بدون شيفرون الأمريكية أو بريتش بتروليوم البريطانية. في تاريخ العلاقات الدولية كان للصين دور مؤثر بل كان منافسوها يعملون لها ألف حساب.. في العام 1793م خاطب الإمبراطور الصيني ملك بريطانيا جورج الثالث قائلا: "كما رأى سفيركم بأم عينيه فإن بلادنا تحتوي على كل شيء، وإننا لا نرى أية قيمة لأي بضائع يمكن أن ترسلوها لنا من مصانع بلادكم. وهذه في الجملة هي حيثيات ردي القاضي برفض رجائكم إقامة علاقات دبلوماسية أو تجارية معنا".. في القرن الثامن عشر أصدر الكونجرس قرارا بصك عملات محددة تخصص للتعامل من الصين، لأن التعامل التجاري معها أصبح يهدد باستنزاف العملة الأمريكية وتحويل جلها إلى الخزينة الصينية.. وقيل إن الإنجليز لم يجدوا سلعة يمكن أن تحطم أبواب الأسواق الصينية، وتعرض نفسها بقوة على المستهلكين الصينيين سوى الأفيون الذي أدى تلك المهمة بمنتهى الاقتدار! الصين ماضية بجد وقوة في سباق الكبار.. آخر مضمار سباق دخلته الصين ليس التسلح أو الاقتصاد فقد قطعت أشواطا مقدرة في ذلك، لكن المضمار الجديد الذي ارتقته قبل عامين هو سباق الرأي العام وتحديدا الرأي العام العربي.. بعض القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية مثل قناة العالم الإيرانية، والحرة الأمريكية، وفرنسا 24 الفرنسية، ودويتشه فيله الألمانية، وBBC البريطانية، وروسيا اليوم الروسية، جاء دور قناة الصين العربية فقد أطلق تلفزيون الصين المركزي قناته العربية الدولية الموجهة إلى نحو 300 مليون عربي في 22 بلدا.. الإعلام الغربي سارع بتوجيه مدفعيته واستخدم سياسة التنميط حين قال عن الخطوة إنها (تندرج ضمن برنامج طموح للتوسع الدولي لوسائل الإعلام الصينية التي تخضع لهيمنة الدولة ذات النظام الشيوعي)!.. قناعتي أن الصين لم ترتق مرتقى صعبا وهي على دراية كافية بما يسمى بعصر العولمة الإعلامية الذي جاء نتيجةً حتميةً للثورة الاتصالية وأيضا للنقص الكبير في الإنتاج الإعلامي والثقافي على مستوى غالبية دول العالم.. وتعلم الصين أن الولايات المتحدة الأمريكية سبقتها وتربعت على إنتاج الثقافة حيث تهيمن وتسيطر على معظم القنوات التلفزيونية العالمية.