01 نوفمبر 2025

تسجيل

المرض والسفر 

25 مايو 2018

في قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر)، مسارعة بالتخفيف من المولى اللطيف سبحانه، ولاحظ أنه أولاً سارع إلى الرخصة، ثم ثانياً لم يحدد ما المرض وما شدته وترك لك أنت أن تقدر ما المرض وما الحاجة إلى الإفطار.   وأيضا في قوله (أو على سفر).. فلم يقل لك بالسيارة أو بالباخرة أو بالطائرة أو على ظهر البعير! ولم يحدد لك المسافة كم كيلو أو أقل أو أكثر.  ومع أن الفرائض الإسلامية يسر في حد ذاتها ولا حرج فيها وهينة لا مشقة فيها، إلا أن رحمة الله تعالى اقتضت لأهل الأعذار رخصا ترفع الحرج عنهم، ولا تكاد توجد فريضة في الشريعة الإسلامية إلا وقد تخللتها الرخص الميسرة على العباد.  ومن رحمات المولى عز وجل أنه جعل الإصابات كفارة وفي الحديث (ما يصيب المسلم من نَصَب، ولا وَصَب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) رواه البخاري.  بل وتكرم وتفضل سبحانه على المسافر، فجعل (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده). رواه الترمذي.  وقد سجل القرآن موقفا عظيما لأصحاب الأعذار من الصحابة رضوان الله عليهم وحالهم إذا تخلفوا عن الغزو (وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ) فلم يرضوا ويفرحوا بتخلفهم وهم أصحاب أعذار بل بكوا على هذا الحرمان.  إن من لطف الله على عباده وكرمه أنه شرع لهم على لسان رسوله الله  صلى الله عليه وسلم أنه (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا)؛ رواه البخاري.  لذلك ينبغي للإنسان في حال الصحة أن يغتنم الفرصة ويعمل ما في وسعه من الأعمال الصالحة حتى إذا حيل بينه وبين العمل لعذر كتب له ما كان يعمل في الصحة والإقامة.