13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان يجلس خلف منصة متوسطا شخصين يقدمان ويناقشان قصة كتبها مؤخرا، تعنى بتراث وطنه الذي قدم منه منذ عقود ربما وهو المغترب فترة طويلة بحثا عن لقمة العيش الكريم "وتسليك" نفسه ليكون في الواجهة عبر فتح آفاق جديدة تطلق كوامنه وحسنا فعل. يقال إن هناك سوانح في حياة الإنسان تهب سريعا، فمن اقتنصها ربح، ومن تكاسل أو تقاعس عن اغتنامها خسر فرصا ربما لن تتكرر. صاحبنا عرف من أين تؤكل الكتف وكان صيادا بارعا فأصاب جلها، وها هو الآن علمٌ يُناقش فكرهُ عبر المنتديات الثقافية، فهنيئًا له.هذا المثال يشخص حالة العديد من العرب الذين يهاجرون، ممن على شاكلة صاحبنا، الذين ضاقت بهم السبل وشظف العيش في بلدانهم، ما حدا بهم للعيش خارج الحدود، هم أحسن حالا من كثير من أقرانهم، كون أولئك لم يجدوا "الوسائل" التي تنقلهم نحو "أفق بعيد" يفتح لهم حيوات جديدة وآمالا جديدة في فضاء أوسع وأفضل يعوضهم أيامهم الخوالي.ما يلفت في قصة "الزميل" إدراكه أن الثقافة والكتابة في وقتنا الحالي وفي مجتمعاتنا "ما توكل عيش"، فلم يعد للقراءة اهتمام في حياة البشر المعاصرين- إن صح التعبير- ودخلت التكنولوجيا على الخط وبقوة وسرعة فائقة، لا سيما أننا في عصر السرعة ومن الصعوبة بمكان أن تجد أحدا منكبا على البحث في الكتب على موضوع ما، كلها كبسة زر على محركات البحث وتتفتح أبواب المعرفة أمام عينيك وأنت تتناول قدحا من القهوة. ماذا فعل صاحبنا؟ أخذها من قاصرها فدرس تخصصا علميا لا يمت لا من بعيد ولا من قريب، وهو خريج الآداب وأكمل الدكتوراة في مجال آخر ومن جامعة "مغمورة" فأصبح "بروفيسور"، لكن ليس في اللغة والأدب، هذا الموزاييك والكوكتيل عقله هو بعد أن رأى واقع أصحاب التخصصات الأدبية بالمقارنة مع التخصات العلمية من ناحية الامتيازات العلمية وقبلها إمكانية الحصول على وظيفة تضمن عيشا كريما له ولأسرته. هذا الشخص المكافح وأمثاله من "المكافحين" تحدى الواقع الذي تعيشه مجتمعاتنا، فضرب عدة عصافير بحجر الإرادة وحسن الاختيار – بغض النظر عن الدخول في حيثيات الجامعات التي قبلته ومكانتها العلمية والتصديق على شهاداته، فذاك شأن آخر- في نهاية المطاف حصل على مراده فانتقل إلى وظيفة محترمة ما كان ليجدها لو ظل على تخصصه الأدبي، ومن ثم وجد الوقت الكافي ليمارس هواية الكتابة "ببال رايق.... الآن من يستحق اللوم، هل هي تلك العقليات التي تربط الوظيفة بالشهادات العليا التي قد تكون "مضروبة"، أم ذلك الشخص "الشاطر" الذي برع في تطبيق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ليتحايل على واقع تعيشه جل دول العالم الثالث.