13 سبتمبر 2025

تسجيل

الاضرابات والاحتجاجات .. جزء من الصراع .. أم ترتيب لما بعد حكم السبسي ؟

25 مايو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تأخذ الإضرابات النقابية والاحتجاجات الاجتماعية في تونس خلال هذه الفترة، شكل كرة الثلج، متدحرجة من قطاع إلى قطاع، ومن محافظة إلى محافظة، كما "الدوامة" التي لا تزيدها الريح إلا دورانا سريعا.. تلك هي الصورة اليوم في البلاد التي شهدت شرارة الثورات العربية..فعلى الرغم من صعود حكومة "ائتلافية" جديدة بأربعة أحزاب، وانقضاء مائة يوم على انطلاق عملها، فإن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، لم تتزحزح قيد أنملة، الأمر الذي جعل المعطلين والعمال والنقابيين، يعودون إلى خيار الإضرابات والاعتصامات، بشكل ذكّر الجميع بفترة حكم "الترويكا" التي عرفت رقما قياسيا وغير مسبوق، بلغ 35 ألف إضراب في غضون سنتين.. ما يثير في هذه الإضرابات، أن الجزء الأكبر منها، يرتبط بالقطاعات التي توصف بــ "المركزية" . الأدهى من ذلك وأمرّ، أن هذه الإضرابات، امتدت لتشمل عصب الحياة الاجتماعية للتونسيين، مثل التعليم والصحة والنقل والقضاء، بالإضافة إلى الكهرباء والغاز، وفي وقت سابق عمال النفايات المنزلية. .خيارات محدودة.. الحكومة، وبعد أن وقعت مع اتحاد العمال، اتفاقية للزيادة في رواتب موظفي القطاع العام، تمتدّ على ثلاث سنوات، ممنّية النفس بهدنة اجتماعية نقابية، وجدت نفسها أمام حركة إضرابية واسعة، تداخل فيها النقابي بالسياسي، الذي بدأت رائحته تفوح في محافظات الجنوب التونسي (قفصة ـ قبلي ـ قابس)، وسط توقعات بأن تتسرب إلى مناطق أخرى، يشعر مواطنوها أن سيناريو الخصاصة والحرمان، واستمرار الفقر والتهميش، سيستمر معهم لسنوات قادمة، لذلك انتفضوا، مطالبين بالشغل لأبنائهم، وتحسين الظروف المادية لمعيشتهم، بعد أن أضنتهم الأسعار الملتهبة، وتآكلت قدرتهم الشرائية . . لكن الحكومة، التي تقول إن هذه الإضرابات "مسيّسة"، وتستخدمها بعض الأطراف في عملية "ليّ ذراع" واضحة، تستهدف الضغط عليها وإرباكها، لجأت إلى الأسلوب العقابي من خلال الخصم من رواتب المضربين في القطاع الحكومي، تطبيقا للقوانين المعمول بها.. ويأتي الخيار الحكومي، الذي يجري نقده بشدّة من قبل المعارضة، أو جزء منها على الأقل، بعد بضعة أيام من تصريح الأمين العام لاتحاد الشغل، حسين العباسي لإحدى وسائل الإعلام، بأن "الوضع الاقتصادي يؤشر إلى انفجار اجتماعي وشيك وفوضى"، محذّرا من إمكانية "اندلاع ثورة ثانية" في تونس، الأمر الذي اعتبرته الحكومة، طورا جديدا من الضغط الذي يمارسه اتحاد العمال، لتمرير أجندة سياسية تقودها بعض الأطراف الراديكالية.. وتسببت تصريحات العباسي في موجة انتقادات من اتحاد المال والأعمال، الذي لوّح بالتحرك، ورفض مثل هذه "الرسائل الملغمة"، على حدّ تعبيره... ويرى مراقبون، أن الحراك الاحتجاجي، وإن كان مشروعا دستوريا، ومبررا اجتماعيا، إلا أن بعض الأيادي السياسية والحزبية وظفته لصالحها، وهي تستخدمه كوقود في صراعها مع الحكومة الراهنة التي تصفها باليمين الليبرالي الهشّ.. ولا شكّ أن في مواقف اتحاد الشغل، لغة سياسية لا مشاحة فيها، وهذا أمر يناقش مع قيادة اتحاد العمال، وربما هو يخرج عن دائرة اهتمامه وساحة عمله التي هي نقابية بالأساس، لكن استخدام هذه الإضرابات ـ على تضخمها ـ للإجهاز على هذه المنظمة (الأكبر بين منظمات العمل التونسية)، سيجعل المعركة تتجه نحو مآلات أخرى، قد تزيد الوضع التونسي تأزما، ولن تتوقف كرة الثلج تلك، إلا بعد أن تأتي على الأخضر واليابس، في ظل وضع تونسي شديد الرخاوة، تزيده الحسابات المتعلقة بما بعد فترة حكم الرئيس الباجي قايد السبسي، صعوبة وتعقيدا، خصوصا وأن مؤشرات الإعداد لما بعد هذه المرحلة، بدأت تظهر في شكل أسماء وعناوين مرشحة للمرحلة المقبلة، ولا يدري المرء، ما إذا كان هذا الأمر يجري بترتيب مع الفاعلين السياسيين الرئيسيين في البلاد أم في غفلة منهم..