31 أكتوبر 2025
تسجيلكان مفاجئاً للجميع إعلان قيادة التحالف العربي وقف عملية "عاصفة الحزم" وبدء عملية "إعادة الأمل" في اليمن. وزاد الأمر غموضا جملة من الأحداث أنه قبل وقت قصير من موقف قيادة التحالف، خرج نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في تصريحات صحفية متوقعاً وقفاً للعمليات العسكرية خلال ساعات وهو ما كان، يضاف له اتصال جرى بين عاهل السعودية الملك سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتن ظهر ذاك اليوم. المحير في الأمر أنه لا شيء قبل ساعة واحدة من وقف العملية العسكرية كان يوحي بقرب انتهائها، كما أن استئناف الغارات الجوية فيما بعد أظهر أحد أمرين: إما أنه لم يكن هناك اتفاق سياسي على وقف إطلاق النار وأن الإعلان عن مرحلة ثانية لقوات التحالف فُهم على غير مقصده أو أن مبادرة بالفعل قد نضجت في أكثر من عاصمة لكن لم يلتزم بها أطراف النزاع إذ لم يمض دقائق على بدء سريان مفعول وقف الغارات الجوية حتى كانت مدفعية الحوثيين وقوات صالح تقصف مقر اللواء 35 في تعز وتسيطر عليه تماما ما اضطرت طائرات التحالف للإغارة من جديد على المدينة ثم تمددت عملياتها باتجاه مناطق أخرى.أسباب توقف عملية عاصفة الحزم يعود – كما قال المتحدث باسم قوات التحالف- لنجاح الطلعات الجوية في القضاء على مصادر التهديد ضد السعودية مثل الصواريخ البالستية، وإضعاف قدرة الحوثيين على شن أي عملية برية داخل الأراضي السعودية بعد أن تمّ قطع خطوط التواصل داخل الأراضي اليمنية قطع طرق الإمداد.ولعل الحديث عن وجود مبادرة عمانية تم الترويج لها في القاهرة واطلعت عليها إيران ووافقت عليها السعودية مع الحديث عن ضمانات روسية لصالح تنفيذ المبادرة في جلسة مجلس الأمن القادمة كانت انعكاساته واضحة بإفراج أنصار الله عن كل من وزير الدفاع المعتقل محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس منصور هادي، اللواء ناصر هادي.وإذا كان انتهاء عاصفة الحزم تسعى لمنح جرعة إضافية للمفاوضات السياسية على الجهود العسكرية التي مازالت مستمرة، فإن من أهدافها بلا شك تدويل القصية اليمنية ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته لاسيَّما بعد صدور القرار الدولي الذي يضع منع وصول السلاح بحراً وجواً إلى اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.تنص المبادرة العمانية (المفترضة) على انسحاب الحوثيين وقوات صالح من جميع المدن اليمنية، وتسليم الأسلحة والمعدات التي حصلوا عليها من مخازن الجيش اليمني مع عودة عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء حيث يشرف على إقامة انتخابات برلمانية ورئاسية في أسرع وقت ممكن، مسبوقا ذلك بتشكيل حكومة جديدة تضم جميع الأحزاب والطوائف اليمنية.السعودية وافقت على المبادرة بشروط منها إبقاء الحصار البحري والجوي على اليمن والحيلولة دون مدّ المساعدة لأنصار الله والجيش التابع لعلي صالح، مع ضمان الحق للتحالف العربي بتوسيع العمليات العسكرية بما فيها البرية في حال لم تلتزم الأطراف اليمنية بما تم الاتفاق عليه على أن تشرف السعودية على الحوار اليمني المرتقب بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ.هل سينجح المسعى العماني أو الضمانة الروسية في إنتاج حلّ سياسي للأزمة اليمنية؟ وهل سيدشن نجاحه تفاهمات أخرى قد تنسحب على ملفات ملتهبة في بلدان أخرى مثل سورية والعراق وليبيا أم سيؤدي فشله إلى مزيد من التدخل العسكري في اليمن؟ يرى البعض- وقد يكون مخطئاً- أن عاصفة الحزم بعد أن تنتهي من الأزمة اليمنية ستغطي رياحها سورية الملتهبة بالتنسيق والتعاون مع تركيا وبدعم أمريكي واضح، يقضي بمدّ المعارضة السورية بأسلحة نوعية تساعدها في إجبار الرئيس السوري على عملية انتقال سياسي للحكم بعد أن يتم تأهيل المعارضة المسلحة وغير المسلحة عبر توحيد صفوفها بدعوة تُقدم لقياداتها لزيارة الرياض قبل مؤتمر جنيف القادم، على أن يعمل في الوقت نفسه على توفير ملاذ آمن للحكومة التي تنبثق عن المعارضة شمال سوريا. وتماشيا مع هذا السيناريو، سيقوم حلفاء السعودية في لبنان بالضغط أكثر على حزب الله إلى جانب ضغوطات غربية لإخراجه من سوريا وتخفيف قبضته على الدولة اللبنانية تمهيدا لمحاصرته داخليا إذا أمكن.