14 سبتمبر 2025

تسجيل

دور المؤسسات الأكاديمية في تنمية الإبداع

25 أبريل 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما من شك أن الجامعات والصروح الأكاديمية المختلفة تعد صروحا علمية مهمة تسهم في خلق جيل متسلح بالمعرفة واعد بالخير، وينبغي ألا ننسى أيضا أن الجامعات نوافذ للمثقف والأديب الشاب ينطلق منها إلى العالم، ومنبر حر يعبر عن أفكار أولئك الشباب وتطلعاتهم وطموحهم.وانطلاقا من الاعتقاد بأنه لكل منا جانب منزو أو مهمّش من الاهتمامات ولكل منا جانب مهمل من الهوايات لصالح الانشغال بالعمل ومتطلبات الحياة، إلا أننا لا ندرك خطورة إهمال تلك الجوانب إلا بعد فوات الأوان.. من هنا تأتي المؤسسات الأكاديمية عصبا حيّا يمنحنا الفرص الكافية كي لا نستكين للكسل الثقافي لحساب التحصيل المعرفي الذي صار مؤخرا يلقب بـ(الشهادة الكرتونة) أي الرخصة التي تثبت صلاحية الفرد لسوق العمل ليس أكثر، مغفلين أن قيمة الفرد الإنسانية ترتقي سلم الحياة الكريمة والصحية من خلال مقاعد الدرس الجامعي الأول.والفرد جملة أشياء إلى جانب المهارة التي يسعى إلى اكتسابها من خلال الأكاديمية، وأنه لا فصل بين عالمي المعرفة والإبداع، فكل منهما يسهم في صقل شخصية الفرد وتطويرها ورفع مستوى القيادية فيها، فكم من طالب يملك موهبة الكتابة أو الرسم أو العزف أو الرياضة وغيرها من الفنون والمواهب التي تحتاج إلى اكتشاف أولا ثم صقل بالدرجة الثانية. لذا كان لابد من بيان دور المؤسسات الأكاديمية في مجال رعاية وتنمية الإبداع الشبابي، ونعني بداية بالإبداع الشبابي تلك المواهب والطاقات الكامنة التي تنبئ عن فرد يتميز بحساسية عالية تجاه الكون والموجودات والأشياء مختلفة عن حساسية الأفراد العاديين مما تمكنه من استشراف رؤى أكثر عمقا وأبعد مدى وأقوى حدة لواقعها المعيش، مع إمكانية القدرة على تفسير ظواهر ذلك الواقع بأساليب فنية مميزة (لافتة وغير عادية).فلو كان يملك ملكة كتابية لخلق نص أدبي، على سبيل المثال، ولا يمكن أن يتمكن من تطوير أدوات ذلك الفن إذا لم يجد الراعي لذلك، ابتداء من أستاذ الصف وانتهاء ببرامج الجامعات لمثل هؤلاء، رغم أننا لا ننكر وجود من هم يملكون مثل تلك الطاقات الفنية والأدبية قبل المرحلة الجامعية ولهم تجارب في ذلك، لكن ينبغي ألا ننسى أنها ستكون تلك حالات محدودة أشبه بالطفرة وما نرمي إليه أبعد من ذلك يمنح الجامعات فكرة الذهاب إلى الموهوب وليس انتظاره ليأتي إليها. ومن المؤكد أن جامعاتنا لا تبخل على الطلبة في تقديم الوسائل العديدة لمتابعة مثل هذه الشؤون ماديا ومعنويا، مجسدا بما يعرف بعمادة شؤون الطلبة أو برامج الأقسام الخاصة بمتابعة أنشطة الطلبة، لها للحق والأمانة، برامج مميزة ولكن الكثير منها حبر على الورق، خاصة إذا ما قررنا أن نفحص مخرجاتنا الخاصة بما نتحدث عنه من كشف عن مبدعين أو إنتاج مبدعين من حيث المبدأ، سنجد هواة في كثير من الأحيان، ونحن إذ نتفق على وجود مثل تلك البرامج في معظم جامعاتنا إلا أننا نكاد لا نلمس حضورها اللافت في الوسط الثقافي العام في أي دولة، ويكتفى بها على أنها فرصة جيدة لممارسة الهوايات والمواهب دون متابعة أو رعاية. وقبل الشروع في التمثيل على نوعية البرامج لابد من طرح السؤال المقلق، كيف نحتفي بالمبدع، الذي ينبثق عنه سؤال أكثر أهمية، كيفية الكشف عن ذلك المبدع، من هنا يمكن أن نقدم مقترحات جيدة للتنفيذ تستثمر بالصورة التي تحقق أهدافها عمليا.منها مثلا: إقامة المسابقات والمهرجانات التي تسمح للطلبة بعرض مواهبهم الفنية والكتابية والخطابية على لجان متخصصة من الأساتذة الأكاديميين بهدف الكشف عن تلك المواهب، ومن ثم إعداد ورش تدريبية خاصة للراغبين في صقل مواهبهم، بحيث تكون مخرجات تلك الورش قابلة للتقويم والقياس، وليس الاكتفاء بعقدها دون توفير المتابعة، وتأسيس مجلة أدبية ثقافية خاصة بالطلبة، تهتم بتجاربهم الكتابية ومفتوحة لجميع التخصصات، ومرتبطة بالأساتذة على اختلاف تخصصاتهم، لضمان متابعة ترشيحاتهم للنماذج المميزة التي قد يكتشفونها داخل المحاضرات، فيعملون على تحويلها للمختصين في تلك المجلة للمتابعة والرعاية.وكذلك عقد الندوات الخاصة بالمواهب ومجالات الإبداع المختلفة باستضافة كبار المبدعين وعقد جلسات حوارية مفتوحة للطلبة معهم، وبذلك نتمكن من خلق جيل القدوة الذي يرى أمامه تجارب هؤلاء ويستمع إلى شهاداتهم وتجاربهم التي قادتهم إلى التميز، خلق ما يعرف بالتبادل الثقافي بين المؤسسات المشابهة داخل البلاد وخارجها، أضف إلى ذلك إعفاء المبدع فنيا وأدبيا من رسوم سنة جامعية، إذا ما حصل على شهادة أساتذة متخصصين بحق موهبته وتميزها.ويمكن أن تقدم الجامعات مكافآتها للمبدعين من خلال منحهم فرصة جولة سياحية يلتقون فيها بأبرز الكتاب المبدعين العالميين، فلعله بعد أن يمضي بصحبة الأديب المعروف أياما، يكون قد لمس مكامن التميز لديه ولربما ساعده ذلك على شق طريقه الخاصة من خلال زرع بذور الثقة بطاقاته، وأنه لا بد يوما أن يصبح شخصا مهما كمثل هؤلاء، ومنها الخروج بالطالب المبدع إلى الهيئات الثقافية، وتعريضهم إلى تجربة عرض منجزهم أمام المجتمع في محافل ثقافية عامة، تعلمهم بذلك الجرأة على البوح، وترجمة ما يجول في الخاطر إلى شكل فني خاص يصلح لأن يقرأ على الملأ. ومن أهم الجوانب الخاصة برعاية المبدعين هي فتح قنوات التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة، صحافة وإذاعة وتلفزيون، تحفزهم على تقديم منجزهم ونشر إبداعهم. ويمكن أن تكون فكرة التبني فكرة مدهشة أيضا، كأن يتبنى أديب عربي مرموق أحد طلبة الجامعة، فيخصه بالرعاية والمتابعة والمساعدة ما أمكن كيف يصقل موهبته، عقد الندوات المتخصصة في طرح أحدث القضايا الفنية والأدبية التي تمكن المبدع من مواكبة العصر وعدم الانغلاق.من هنا ينبغي تأكيد فكرة أن الدعم وتنمية الإبداع الشبابي، لا يمكن أن ينجح بعزل الطالب داخل الحرم الجامعي وإنما لا بد من تكاتف الجهود كافة للدعم والرعاية.