14 سبتمبر 2025
تسجيلمصادر تركية أعلنت أن رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان" مصر على القيام بزيارة لقطاع غزة في مايو القادم لإحياء الذكرى السنوية الثالثة العدوان الصهيوني على سفينة "مافي مرمرة" التركية التي كانت تحمل 581 متضامنًا من "حركة غزة الحرة" معظمهم من الأتراك فجر يوم 31 مايو 2010 أثاء وجودها في المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط.. هذا الإعلان جاء في ضوء تقارير عن طلب وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" من أردوغان تأجيل الزيارة، وتقارير عن اعتراض الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" – عليها بذريعة أن الزيارة تعزز الانقسام وتقلل من قيمة وجوهر معنى التمثيل الرسمي للمنظمة.. وأقول: أولا: موقف الوزير الأمريكي متوقع وطبيعي؛ فأمريكا لم تكن يوما إلا معبرة عن الكيان الصهيوني الاحتلالي العنصري، وهما مع كل قضايانا وبالأخص القضية الفلسطينية شقان لمعادلة سياسية وإستراتيجية واحدة. ثانيا: خوف السيد عباس والسلطة وفتح على التمثيل الرسمي للمنظمة هو أيضا طبيعي وله مبرراته المنطقية والواقعية في ظل وجود حماس كقوة أثبتت وجودها على الأرض وبهرت الناس والشعب بأدائها (فازت في الانتخابات التشريعية 2006 وشكلت الوزارة، مسيطرة على إقليم غزة منذ فتنة "محمد دحلان - نصر يوسف - تينت"، قصفت تل أبيب والمستوطنات وزغرد لذلك خصومها قبل حلفائها، تفوز دائما على كل الفئات والفصائل الأخرى بما فيها فتح أو تتساوى معهم على الصعيد الانتخابي وصناديق الاقتراع للبلديات والجامعات والجمعيات، لها تاريخ نضالي حاشد بالتضحيات والانتصارات ويرى الشعب الفلسطيني أنها قدمت قادة الصف الأول وأبناءهم وذويهم، تواصل التقدم على كل الصعد المحلية والإقليمية، صار يزورها ويؤيدها زعماء ووزراء ومتضامنون رسميون وغير رسميين، استطاعت رغم استمرار الحصار والحروب والاستهداف أن توفر حدا معقولا من الاكتفاء والاستقرار لغزة التي تحكمها في أحلك الظروف.. كل ذلك وسواه في مقابل ما تعانيه وما تفتضح به السلطة في الضفة!!).. وإذن فتخوف قيادة المنظمة من رواج حماس وقدراتها واتساع رقعة علاقاتها باطراد هو وضع طبيعي.. بالأخص إذا جمعنا مع هذا المشهد ثورات الربيع العربي التي عززت حماس واتجاهها وعلاقاتها وتحالفاتها. ثالثا: حماس ليست زاهدة ولا بعيدة عن الوصول لقيادة المنظمة وحمل مسؤولية التمثيل الرسمي للشعب الفلسطيني، بل هو مطلب وأمل لها ولأنصارها الذين يعترضون على المنظمة ومواقفها وتنازلاتها وطريقة إدارتها.. لكن الأهم من هذه الرغبة هو أنها تطلب الأمر من بابه الشرعي – صندوق الاقتراع – وأنها لم تطلب من أحد أن يتصدق عليها بهذا التمثيل، ولم تقطع طريق أحد عنه باتفاق أو بتنازل أو بإغراء أو بإغراق لا خفي أو صريح، والأهم أيضا أنها لم تنازع في هذه المسألة أحدا في أي وقت.. أما سوى ذلك مما يقال في سياق المناكفات الإعلامية.. فخصومها أدرى الناس بعدم صحته. رابعا: ولكن تهديد شرعية المنظمة، هو ما يفعله الذين يمثلون هذه الشرعية عندما يجعلونها سببا لاستمرار الحصار على غزة والمقاومة، وعندما يستخدمونها في ذم أصدقاء وحلفاء الشعب الفلسطيني والمتعاطفين والمتضامنين معه، وعندما يقبلون أن تعتدي السلطة وفتح تحديدا على قراراتها ولا يدافعون عنها، وعندما تصدر تصريحات عن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني "سليم الزعنون" الذي قال ذات مرة وفي اجتماع رسمي للمجلس: "إن السلطة تحاول سرقة قرار المجلس الوطني، وأن أحد أعضاء اللجنة التنفيذية – ألمح لياسر عبد ربه - قال أمامه "بدنا نزور! لأن أبو عمار كان يزور!!) - عمان 21/8/2008 – هذا هو الذي يهدد شرعيتها.. ويهددها أيضا أن تنحاز لفصيل رئيسها في صراعه مع بقية الفصائل، وأن تصدر التصريحات المسيئة للمقاومة والوحدة الوطنية على لسان متحدثيها الرسميين، وأن تتعطل كل محاولات واتفاقات إصلاحها، وأن تجتمع رئاستها ورئاسة السلطة ورئاسة الوزارة ورئاسة الدولة ثم رئاسة فتح في شخص واحد وتنظيم واحد مهما كان هذا الواحد وحيد دهره وفريد عصره أو طنت بذكره الأمصار وضنت بمثله الأعصار.. لأن لكل واحدة من هذه الرئاسات معادلاتها وفروقها وهوامشها واحتمالاتها.. الشعب الفلسطيني من حقه وهو يقوم هذه الشرعية أن يتساءل: لأي هذه الرئاسات ينسب القبول الرسمي الفلسطيني بالحد المشاهد من الاحتلال، وبالتنسيق الأمني، وكسر الكثير من قواعد العمل السياسي والنقابي، واستبدال حق تقرير المصير بالرأي العام الدولي وما تسفر عنه المفاوضات، ومشاركة - فياض – كرئيس وزراء رسمي في مؤتمر هيرتزيليا الصهيوني.. وكل هذا وغيره من المفاهيم المقلوبة والمنقلبة على الشرعية؟ آخر القول: من حق قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أن تتخوف على بقائها في الشرعية الفلسطينية، لأن الشرعية إنجازات وقناعات ؛ وليست دعاوى من دون بينات، ولكن الذي ليس من حقها ولا منطق لها فيه: هو أن تعلق خوفها وإرهابها هذا على مشجب غيرها أو تستخدمه ذريعة لإبقاء الحصار على غزة.