18 سبتمبر 2025

تسجيل

الإعلام وثقافة الكراهية

25 أبريل 2013

إن الإنسان العربي ليدهش ويستغرب اليوم مما يراه من أجهزة الإعلام العربي التي كانت تعاني سابقاً من الرقابة والإعلام المسير، فلما وجدت الحرية ليقدم هؤلاء الأمل وبذر المحبة والإخاء والثقة بالنفس لدى المواطن العربي الذي ظل سنين يعاني من انهيار اقتصادي وفقر وتخلف وقمع وكبت وأفكار منحرفة وتسلط أفراد وهزائم وضياع أراض وظروف لا حصر لها، ويريد المواطن ليسمع الأمل والتفاؤل وتحقيق الأحلام بالوحدة والمشروع الحضاري.. ولكن الكل فوجئ بحملات حقد وكراهية وتصفية حسابات وتحريض على التخريب وتحريف الأخبار والمعلومات بدلاً من الدعوة للألفة والوحدة.. نفاجأ بأجهزة الإعلام والتواصل تنقل معلومات كاذبة ومزيفة كلها تصب في خدمة أعداء الأمة وتضر بمصالحها. إعلام لا يعرف لغة الحوار والتسامح، ولكن هناك أشخاصا نزلوا إلى الشارع بخلافات سياسية ووجهوا العوام عن طريق التليفزيون والصحف والمواقع والتغريدات وعن طريق التواصل لأجل أن يعيشوا في صراع الخمسينيات والستينيات، ولا يؤمن هؤلاء بتجربة الرأي لجميع الأطراف وفق الضوابط الأخلاقية عند الخلاف ويحرفون المعلومات ويبالغون ويتخبطون يمينا وشمالا، ويأسف الإنسان أن يرى قنوات متخصصة في نشر الطائفية وثقافة العنصرية وإحياء صراعات التاريخ التي مضى عليها زمن. فما دخل العالم اليوم بصراع يزيد ومعاوية والحسين وآل البيت وصراع العباسيين مضى عليه ألف وأربعمائة سنة فما دخل جيل يدفع ثمن أمر لا علاقة له به. ما دخل المواطن العربي بصراعات اليسار والقوميات في الستينيات، وهناك صحفيون وساسة رغم أنهم عاشوا في الخارج وسافروا وشاهدوا تطور العالم يعودون بناء إلى معارك الستينيات لأنهم مازالوا يعيشون في ذلك العهد وكأن التقويم لم تتغير صفحاته عندهم ومازالت الساعة عندهم مؤقتة في عهد الخمسينيات والستينيات وهؤلاء الشباب المساكين الذين لا توجد لديهم حصانة أصبحوا ضحايا هذه الصراعات، نجد برامج تزوِّر المعلومات عن الثورات العسكرية التي أضاعت سيناء والجولان والقدس الغالية ليقدموا هؤلاء الظلمة الدكتاتوريين أبطالاً بعد أن دمروا اقتصاد بلادهم ونشروا الفقر ومزقوا الأمة ووحدتها، ونحن ندفع ثمن مغامراتهم تزوير التاريخ. رأينا برامج تحرض على المظاهرات والمسيرات وتعطل الشوارع وأصحاب المحلات المساكين المعطلة محلاتهم وأرزاقهم والخوف، انظروا إلى مصر ماذا يجري فيها.. تكيل المحطات سبا شتما يزكم الأنوف وتأبى الأذن سماعه، سب في الداخل لكل شيء وسب للعرب حتى من يساعدون مصر وآخرها قطر التي لم تقدم مساعدة لأي حزب أو جماعة وإنما لشعب مصر فتفاجأ بناس يخرجون عن القيم وعن أصول أدب الحوار، ويصطدم المواطن العربي والقطري ولا يصدق أن مصر بلاد العلم والثقافة والحضارة تجد فيها صحافة وإعلاميين يزوِّرون المعلومات ويتحدثون بلغة كراهية وخروج عن آداب الصحافة وأخلاق الصحفيين، وهو ما لا يمكن أن نراه في أي صحافة ذات مستوى راق، وقبلها هاجموا عدة دول عربية لم يسلم منهم أحد فهذا عار في جبينهم، وكانوا في عهد مبارك لا يجيدون إلا المديح والآن أسقطوا هيبة بلادهم وجعلوها في أضعف حال.. لم يحصل في التاريخ المصري أن يسب الرئيس والحكومة ويعتدى على القصر والقضاء، ولم يحصل العدوان والناس في الشوارع بعد خروجهم من البنوك والنساء والأعراض والاغتصاب، حتى الأمم المتحدة تحدثت عن تقارير التحرش والاستغلال للنساء السوريات اللاجئات بمصر. ودعونا نتكلم ماذا يجري في مصر هل هذا معقول؟ وإلى أين يسير بها الإعلام لمن لا يتحملون مسؤوليتهم ويريدون جر مصر لحرب أهلية يستطيعون إشعالها ويستحيل إطفاؤها، ولا يعني هذا الدفاع عن الحكومة وأخطائها القاتلة، ولكن هناك وسائل أكثر حضارة في التعبير عن الرأي، والإعلام المصري مزق الشعب المصري بين علمانيين وليبراليين ويسار وإسلاميين بأنواعهم مزقوا الشارع.. وأمره، وأضاعوا الشباب ودورهم ولم يكتفوا بذلك بل صدروا صراعاتهم للخارج لدول شقيقة تحب مصر، كقطر ودول مجلس التعاون. وهذا إعلام العراق لم يصبح إعلام العصر والوطنية والتنمية وإنما إعلام مشغول بصراعات قبل ألف سنة بأسلوب رجعي متخلف يخلق الفتنة الطائفية والحقد التاريخي، وهناك قنوات تشتم في الماضي وتريد إشعال الحرب وقد أشعلتها فعلاً. وهناك إعلام اليمن لبعض القنوات والمواقع تدعو للتفرقة العنصرية وتقسيم اليمن وتحرض الشعب اليمني ضد بعضهم ووصلت ثقافة الحقد والكراهية لحرق أماكن وقتل أشخاص واعتداءات وتعطيل الأعمال والسعي لحرب أهلية ليصل أشخاص للحكم وينتقموا لفشلهم بإثارة الحقد الإقليمي والمناطقي، وهناك ثقافة الحقد المذهبي الذي يثيره الحوثي لصالح إيران وأهدافها لتدمير الشعب والقتل والموت، أضف إلى ثقافة الجماعات المتطرفة، وكذلك ما يقوم به الناصريون من حملات لعودتهم بتجميل صورة الدكتاتور إبراهيم الحمدي وتزييف حقائق جرائمه بحق الشعب اليمني على يد محمد خميس وزبانيته والسجون السرية والكبت ومنع الحرية وتصويره أنه بطل كما يفعل جماعة حمدين صباحي وأمثالهم بمصر. يا هؤلاء كفوا عن هذا واتقوا الله في شعبكم وفي هذه الأمة، لقد أسأتم لمفهوم الحرية وضللتم الشعوب وبلغت الأمور أن الإنسان لا يرى إلا أناسا قد بلغ بهم التطرف إلى حد المبالغة في حربهم ضد دينهم وإسلامهم بحجة محاربة الإرهاب وبحجة معارضة الأحزاب الإسلامية، وهؤلاء يسهرون ليلاً ويؤلفون قصص في الليل ثم يصدقونها بالنهار، وللأسف لا يهمهم فقر بلادهم حتى من يشفق ويعطف بروح الإخوة عليهم يواجهونه بالأكاذيب كدول الخليج ويقولون نحن فقط ولا غير وديمقراطيتنا تقوم على "قل ما تشاء وأنا أفعل ما أريد" ولا تخالفوا رأيي، فالديمقراطية أنا فقط ويحل لهم أن يسيئوا فإذا رد عليهم أحد مارسوا الإرهاب الفكري والهجوم والافتراء والتخويف ولكن الواجب رفض هؤلاء وفضحهم وعدم القبول بفرضهم رأيهم وأجندتهم لدمار الأمة.