18 سبتمبر 2025
تسجيلالخطاب الذي ألقاها سمو الأمير المفدى حفظه الله أمام منتدى الديمقراطية الذي بدأ أعماله بالدوحة أمس الأول، تضمن مضامين غاية في الاهمية، سواء في شقها المحلي أو الاقليمي أو العربي أو الدولي، فالاصلاح كما أشار سمو الأمير المفدى ليس انتقاء لجانب دون آخر أو على حساب الآخر، فلا يمكن أن يكون هناك اصلاح اقتصادي اذا لم يواكبه اصلاح سياسي واصلاح في التشريعات والنظم والقوانين. . ، ولا يمكن ان يكون هناك اصلاح اجتماعي اذا لم يكن هناك حراك جماعي في المجتمع بين افراده واطيافه المختلفة، وقناعة بضرورة التغيير نحو الافضل بما يخدم مستقبل أجياله، وهذا لا يتأتى الا عبر فتح قنوات متعددة من التواصل في التعبير عن الآراء، وطرح الأفكار الخلاقة دون مصادرة الآراء، وهو ما يتيح تنوعا واثراء للاصلاح الاجتماعي.الاصلاح الاجتماعي لا يعني الانسلاخ من القيم أو التقاليد أو الاعراف أو هوية المجتمع، وهو ما ركز عليه سمو الأمير المفدى حفظه الله ورعاه عندما أكد ان تجربة الاصلاح في قطر اولت اهتماما كبيرا بتطوير نظامنا الاجتماعي وفق رؤية توفق بين قيمنا الدينية والوطنية الاصيلة، وبين ما تقتضيه روح العصر وضروراته.هذا الفهم العميق هو ما يجعل من تجربة قطر في الاصلاح نموذجا يحتذى، فقطر لم تنتق الاصلاح بقطاعات بعينها، واهملت أخرى، بل سعت الى تكامل في الاصلاح بين جميع القطاعات، سياسية كانت أو اقتصادية او اجتماعية او استثمارية. . ، وعمدت الى التدرج في ذلك، بعيدا عن الاضواء أو القفزات غير المحسوبة، وسعت الى خطوات مدروسة، كما هو الحال بالنسبة للمشاركة الشعبية في صنع القرار، عندما انطلقت بانتخابات لغرفة التجارة والصناعة، ثم توسعت الدائرة لتكون انتخابات للمجلس البلدي، وها نحن على ابواب اكثر شمولية في النظام الديمقراطي، وهي الانتخابات التشريعية، التي سيخوضها الشعب برجاله ونسائه، وبوعي كبير باهمية المشاركة، كونها لا يقتصر دورها على حاضرنا، بل هي تؤسس لمرحلة جديدة من حاضرنا وتبني مستقبل وطننا واجيالنا.أي تغيير لا يمكن ان يؤتي ثمارا ما لم تعززه قيم تعليمية فعالة، وتنشئة سليمة للاجيال، التي يبقى الرهان عليها في بناء الوطن، فلا يمكن لأي تقدم ان يشهده اي مجتمع في تجاهل للمنظومة التعليمية التي تواكب تطورات المجتمع، لذلك فقد وعت قيادتنا الحكيمة هذا الجانب، فاولت التعليم اهتماما خاصا، وركزت على تطويره، والسعي للعمل بأحدث النظم التعليمية التي من شأنها احداث نقلة نوعية في المجتمع.نعم قد تأخذ خطوات الاصلاح وقتاً، ولكن في نهاية المطاف ستؤتي ثمارا يانعة، تماما كما هو الحال مع غرس أي شجرة، فانها لن تؤتي ثمارا بين يوم وليلة، بل سيمتد عمل وجهد الزارع سنوات حتى يقطف الثمار منها، وما تبنيه قيادتنا اليوم، وما تغرسه من قيم ومبادئ ونظم وجهد على كل صعيد، ستقطف ثماره اجيالنا، بصورة كبيرة، ولكن مسؤولية البناء والمشاركة الايجابية، هي مسؤولية كل فرد في هذا المجتمع.