بساطة العيش

للبساطة رونق خاص وللبسطاء بريقهم الجميل الذي يتفق الجميع بمحبة مجالستهم والاستئناس بحديثهم. إن الحياة البسيطة لاتعني الفقر أو الحرمان بل الاعتدال والتوازن وعدم التكلف والمبالغة في أي شيء. إن التكلف في أي شيء، يفقده جماله ونضارته، فكم من مجلسٍ يستثقله زواره وذلك بسبب تكلفه المبالغ به! فقد يظن الشخص أنه إذا صرف وتكلف يكون كرماً حاتمياً لكن الكرم في الواقع هو الخلق الحسن والحديث والابتسامة، و لو أن شخصاً حضر إحدى الولائم وبها مابها فلن يتذكر تلك الوليمة ولكن مايرسخ لديه، المعاملة الجميلة واللطف والاحترام من المضيف، ومفهوم البساطة يشمل كل جوانب الحياة من حيث العلم والمأكل والملبس والقول وغيرها، ولنا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أجمل الأمثله فحياته كانت بسيطة غير متكلفة، فعن عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها، قالت: "يا ابن أختي، لقد مرت بنا ثلاثة أشهر بدون إشعال نار (لإعدادالطعام) في منزل الرسول"، فسألها ابن اختها: "وماالذي أعانكم على ذلك؟"، قالت: "الأسودين (البلح والماء)،وكان بعض جيران الرسول من الأنصار يملكون ناقة فيعطوا الرسول بعضاً من لبنها (البخاري ومسلم). بالرغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قائداً ونبياً وله مكانته. حينما نبسط حياتنا ونبتعد عن التعقيد سيتغير كل شيء إلى الأجمل وستصبح الحياة سعيدة، وسنكون أكثر ترابطاً وتراحماً فيما بيننا، فالبساطة إن دخلت في شيء زادته حلاوة وجمالاً، وقد يطرى على القارئ تساؤل هو كيف أجعل حياتي بسيطة غير متكلفة ؟ الأمر بسيط لايحتاج إلا إلى عزم وتوكل على الله، والتخلي عن التكلف والتشدد. ففي الماضي الجميل كانت البساطة حياتهم وكانت البيوت صغيرة ولكنها كبيرة بقلوبهم كانوا أسرة واحدة يحملون هم بعض ويشاركون أفراح بعضهم وأحزانهم، كانت البساطة في ذلك الوقت تسود كل شيء في حياتهم، ومنها الأعراس في الماضي بالرغم من بساطتها إلا أن لها فرحاً ومعنى عميق وبركة من الله في حياتهم نتيجة لإعتدالهم، أما اليوم فنرى عزوف بعض الشباب عن الزواج بسبب الماديات وصرف الأموال في مظاهر أسميها زائفة لأنها فقط من اجل أن يتحدث الناس عما فعلوه وفي المحصلة يتحمل هذا الشاب ديوناً تثقل كاهله لسنوات عديده ومنها تنتج المشاكل والمشاحنات وأحياناً تؤدي للطلاق، فالتكلف لن يؤتي أبداً بثماره، والعيش البسيط أجمل وكل ماكان الشيء بسيطاً زاد أناقةً وحلاوةً. وختاماً ليس المقصود بالبساطة أن يكون فقيراً بل البسيط، بسيط بذاته مهما ملك من مال!