12 سبتمبر 2025
تسجيلها هي العاصمة البلجيكية بروكسيل حيث مؤسسات الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة أوروبية، تتعرض بدورها، على غرار باريس ونيويورك ولندن ومدريد، لهجوم إرهابي «داعشي» من العيار الثقيل في أروقة مطارها الكبير، وفي محطة مترو لا تبعد 50 مترا عن مقر الاتحاد الأوروبي، مستهدفًا تهديد هيبة الدولة وسلم مواطنيها،وأظهرت الأحداث الدامية التي شهدتها فرنسا، مع بداية عام 2015 ولغاية الهجوم الإرهابي الأخير في بروكسيل، قصور قدرات وكالات التجسس ومكافحة الإرهاب الأوروبية التي تملك، في كثير من الأحيان، معلومات عن الجناة مسبقًا، لكنها تعجز عن تجميع كل الخيوط إلى أن تسيل الدماء. وقال بروس ريدل، وهو من كبار المحللين السابقين بوكالة المخابرات المركزية «السي آي إيه»: «المشكلة بالنسبة إلى المخابرات وأجهزة الأمن الأوروبية أن المواطنين من عدة بلدان أوروبية الذين ذهبوا إلى سوريا أو العراق أو غيرها للمشاركة في الجهاد ثم عادوا، أكثر من أن يمكن متابعتهم جميعا على مدار 24 ساعة يوميا». وأضاف ريدل: «إذا لم يخالفوا أي قوانين، فلا يمكن لأجهزة المخابرات في العالم الديمقراطي أن تلقي القبض عليهم أو تراقبك بصفة دائمة لمجرد أنك جهادي متعصب». متابعا: «المخابرات لن تتنبأ متى يتحول متعصب من شخص متشدد الفكر إلى إرهابي يؤمن بالعنف في أغلب الأحوال».ومما عقّد الأمر سفر آلاف الأجانب للمشاركة في القتال في صفوف الجماعات الإسلامية المتشددة في سوريا، مثل تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، و«جبهة النصرة»، وبدأ كثير منهم يعودون الآن إلى أوطانهم بما اكتسبوه من خبرات قتالية. وعادة ما تظهر التحقيقات في أعقاب هجمات المتشددين أو محاولتهم شن هجمات أن وكالات التجسس كان لديها معلومات مسبقة كان من الممكن أن تشير إلى أن هؤلاء المشبوهين يمثلون خطرا وشيكا، لو أنه تم ربط خيوط المعلومات على النحو السليم.في ظل أجواء هذه الهجمات الإرهابية على بروكسيل، يختلف المحللون الغربيون في توصيفهم لمضمون الموجة الحالية من الإرهاب الجديد، ولاسيما بشأن العلاقة الارتباطية بين الإرهاب والإسلام. فعلى الرغم من أن الإرهاب موجود في العديد من الدول، ويصيب بدرجة أو بأخرى العديد من الحضارات والثقافات، فإن بعض المفكرين الغربيين، يركزون على أن الإرهاب لا يمثل شكلا من أشكال الصراع الدولي، بقدر ما يمكن النظر إليه باعتباره حروب المسلمين، سواء فيما بينهم أو بينهم وبين غير المسلمين، وهي حروب قد تتطور إلى صدام كبير للحضارات بين الإسلام والغرب، أو بين الإسلام وبقية العالم. ولا تعود إلى طبيعة المعتقدات الإسلامية، وإنما تعود إلى السياسات والأوضاع العامة في العديد من الدول الإسلامية، مثل حالة الانبعاث الإسلامي، وتعرض الشعوب العربية والإسلامية للإهانات المتواصلة من قبل حكوماتها، ومن قبل القوى الاستعمارية الغربية والشرقية بتدخلاتها العسكرية في شؤونها، إضافة إلى وجود أكثر من 100 مليون شاب عاطل عن العمل، وأكثر من 40 مليون أمّي، وتزايد التدخلات العسكرية الغربية والشرقية في كل من العراق، وليبيا، وسوريا، والشعور بالظلم والامتعاض والحسد تجاه الغرب، والانقسامات الإثنية والطائفية والمذهبية في العالم العربي والإسلامي وارتفاع معدلات الولادة في معظم الدول الإسلامية، وعجز المجتمعات العربية- الإسلامية عن تحقيق إصلاحات داخلية جذرية.