12 سبتمبر 2025

تسجيل

المشاركة الاجتماعية

25 مارس 2016

الإنسان جزء من منظومة الكون التي تعمل بمبدأ قائم على المشاركة والتعاون لتحقيق سنة التكامل المتوازن في الحياة، وحقيقة المشاركة الاجتماعية لا تقتصر على مجرد علاقة الإنسان بالأشخاص بل تلك المشاركة تشمل علاقة الإنسان بالحياة وعلاقته بنفسه كذلك التي من خلال استقرارها يستطيع الإنسان التواصل الحسن مع الحياة عموما.لقد اتفقنا مسبقا أن الإنسان كائن اجتماعي يعجز عن الحياة بمفرده ليس لقصوره وإنما لفطرته وحاجته النفسية التي تنمو وتستقر ضمن الحصانة الاجتماعية التي يتحرك الإنسان من خلالها لقد اعتاد الإنسان في لحظات الفرح مشاركة أحبابه من حوله، كما أن النفس تقوى عندما تستشعر مساندة الآخرين لها في لحظات المرض والألم فالمشاركة الاجتماعية لا تعني ضعف الإنسان أو اتكاليته على الغير وإنما هي وسيلة لتحفيز مشاعر الإحساس بأهمية الآخرين ودورهم في تعديل مزاج الشخص وبالتالي شعوره بالأمان إن علاقة الإنسان مع الحياة تبدأ من علاقته بنفسه. البعض لا يدرك نفسه بالمعنى الصحيح فهو يتضجر منها ويعمل على إحباطها ذلك لأنه لا يعي أساليب إنجاحها، ومن خلال هذه العلاقة غير الصحية مع الذات تختل المفاهيم ويصبح الفرد مشاركا سلبيا في الحياة. وتبدأ تلك النظرة السودواية عن الذات تنتقل لتشوه علاقة الإنسان بالحياة وبالآخرين، فيفقد الاستمتاع بصحبتهم ويفسر اهتمامهم شفقة وانشغالهم إهمالا وتعبهم تهربا وحبهم خداعا ونفاقا في حين يتألق البعض في نظرته لذاته ويدركها مكرمة كما خلقها الله بملكة العقل والتقويم الحسن، ويعمل جاهدا مستمتعا لإظهار تلك النفس وتلك الشخصية في أحسن صورها ليس إرضاء للآخرين وإنما تقدير لمعنى الحياة ووعي بمفهوم المسؤولية الشخصية في تحقيق المشاركة الاجتماعية. إن المشاركة الاجتماعية ليست مجهودا فرديا بل هي منهج جماعي قد يقوده الحكيم أولا ويدير إشكاله وانفعالاته وتفاعلاته. إلا أن نجاح هذا المجهود الجماعي يقل ويضعف إذا تنصل الأفراد من حمايته والمحافظة عليه. إن المشاركة الاجتماعية والتفاعل في المواقف الاجتماعية المختلفة هو بمثابة الخبرات والموقف التعليمي الذي يصقل مفاهيم الإنسان عن الحياة. فيتدرب على أشكال مختلفة من السلوك وينتقي أجمل ما لا في الآخرين ويتيقظ لأخطائهم ليس ليتعلم منها فقط بل ليساندهم على تقويمها وتصحيحها. المشاركة الاجتماعية هي نوع من المساندة العاطفية التي تعالج مشاعر الاغتراب الداخلي الذي يعيشه البعض حال انغماسه في همومه وألمه وهي مصدر مهم لتعزيز معان مهمة مثل الانتماء والاحترام مما يقوي من عزيمة الإنسان ودافعيته الإيجابية نحو الحياة ويلون حياته بالبهجة والاهتمام والحب والاحتواء والرحمة.