12 سبتمبر 2025

تسجيل

وبعد الانفتاح في شرم الشيخ.. الانغلاق سياحيا!

25 مارس 2015

لابد أن نقر بأن السياحة المصرية تضرب في مقتل ومن نيران صديقة، نتيجة لانعدام التنسيق وغياب دور المجلس الأعلى للسياحة المصري، أو ربما أنه في بيات شتوي طويل، إذ كيف تصدر قرارات بهذه الخطورة بدون تنسيق مسبق، ومن خلف غرفة السياحة والممثلين للقطاع الخاص بما لديهم من خبرات طويلة في هذا المجال لأن التأشيرات السياحية أو تأشيرات الدخول إلى مصر لا تهم وزارة الخارجية وحدها، ومهما كان لديها من مبررات أمنية أو تنظيمية، فإن هذا القرار لا يمكن أن يتخذ من قبل وزارة الخارجية بمعزل عن الجهات الأخرى، خاصة الأمنية والاقتصادية، ولاسيَّما بعد أن شهد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي انفتاحا لا محدودا مع كل دول العالم، ثم قبل أن يمضي أقل من أسبوع على القرارات الانفتاحية في المؤتمر الاقتصادي، تصدر قرارات انغلاقية، بعد القرارات الأخيرة بقصر منح تأشيرات دخول الأراضي المصرية للسياحة الفردية على الاستخراج المسبق للتأشيرة من البعثات الدبلوماسية المصرية، والتوقف عن منح التأشيرات السياحية الفردية بمنافذ الوصول المصرية اعتبارًا من 15 مايو 2015، واقتصار منح التأشيرة على الأفواج السياحية.لقد كنت أتوق إلى المزيد من الانفتاح على العالم بعد نجاح مؤتمر شرم الشيخ في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، والسياح الأجانب وتقديم التسهيلات التي تمكنهم، وإذا واكبت المؤتمر بعض الإصلاحات الاقتصادية الإيجابية، ولكن الفرحة لم تكتمل، مع فرض البنك المركزي قيودا جديدة على تحركات وتعاملات الدولار في السوق وتطالب بالتراجع عنه، حتى يتمكن المستثمر من سرعة تحويل أرباحه أو حتى رأسماله كله، أو أن يخرج من السوق في اللحظة التي يريدها أو يقررها، وأدى إلى عودة الشعور بالقلق من القيود التي وضعها البنك المركزي على إيداع وسحب العملة الأجنبية، الأمر الذي يمثل قيودا على الاستثمارات الأجنبية، ويلقي ظلالا وانعكاسات سلبية على الاقتصاد. والغريب أيضا أنه حتى قبل أن تغادر بعض الوفود المشاركة في المؤتمر الاقتصادي أرض شرم الشيخ، أصدرت الحكومة قيودا جديدة على حركة السياحة، وقد تكون لديها أبعاد أمنية، وإن كان هناك تنسيق دائم مع الجهات الأمنية وشركات السياحة المصرية، ويتم إخطارها بكافة تحركات الوفود السياحية في مصر، وهنا سنجد معادلة صعبة بين الأمن والسياحة، وهل هذا القرار سيمنع يقينا تسلل العناصر الإرهابية من خلال المجموعات السياحية، وهل لا يؤثر على الحركة السياحية الوافدة إلى مصر؟ مع عدم استخدام التأشيرة الإلكترونية غير المتوفرة، خاصة في السفارات والقنصليات بالخارج، وهي عقبة أخرى أمام السائح الفرد، خاصة مع تباعد المسافات في بعض الدول الأوروبية التي لا يمكن أن يتوفر بها أكثر من قنصلية، ولاسيَّما أن القطاع السياحي الأكثر اتصالا وارتباطا بالعالم الخارجي، بعد أن فرضت قيود على السياحة الفردية، بإلزام السائحين الأفراد بالحصول على تأشيرات مسبقة من السفارات المصرية بالخارج، قبل الدخول إلى البلاد، بدلا من الحصول عليها لدى الوصول إلى المطارات والموانئ المصرية، مما يعد ضربة قاصمة للسياحة، من شأنها التأثير سلبا على الحركة السياحية الوافدة خلال الفترة المقبلة، لأن حركة السياحة لا يمكن أن تنفصل عن حركة المستثمرين التي تتطلب سرعة الحركة والتنقل بيسر وسلاسة، وهي ترتيبات ضرورية لمتابعة الاستثمارات المزمع إقامتها في مصر من خلال المؤتمر الاقتصادي، لذلك فإن هذه الإجراءات ستؤدي حتما إلى تراجع الحركة السياحية إلى مصر، وتقلل من فرص انتعاش السياحة التي كنا نتطلع إليها عقب المؤتمر الاقتصادي الذي شهدته شرم الشيخ منذ أيام، ولاسيَّما أن سياحة الأفراد تمثل نحو 15% من حجم السياحة الوافدة إلى مصر، التي رفعت أسعار تأشيرة الدخول من 15 إلى 25 دولارا للتأشيرة في شهر مايو الماضي، وتتميز هذه النوعية من السائحين بارتفاع معدلات إنفاقها عن القادمين في مجموعات، خاصة في ظل المنافسة الشرسة من الدول المجاورة في المنطقة التي تعطي تسهيلات أكثر لجذب أعداد أكبر من السائحين، في الوقت الذي تشدد فيه الجهات المعنية في مصر بمثل هذه الإجراءات، مما يقلل من فرص مصر الحقيقية في المنافسة السياحية، ولاسيَّما أنه في الوقت الذي تسعى فيه الشركات السياحية لفتح أسواق جديدة لجذب السائحين، تصدر الدولة قرارات من شأنها عرقلة تلك المساعي، وهذا يعطي نتائج عكسية لا تتسق مع تصريحات سابقة لوزير السياحة من أن مصر تستهدف زيادة الحركة السياحية الوافدة إليها بنسبة تتراوح بين 15 إلى %20 سنويا، للوصول بأعداد السائحين إلى 20 مليون سائح بنهاية عام 2020، خاصة أن هذه الإجراءات تمثل إعاقة جديدة تضاف إلى التعقيدات الروتينية أمام حركة المستثمرين الأجانب الراغبين في السفر إلى مصر، الأمر الذي من شأنه التأثير على كافة مناحي الأنشطة الاقتصادية في مصر.