11 سبتمبر 2025

تسجيل

البكاء بين يدي زرقاء فلسطين.. !

25 فبراير 2024

يبكي العربي بسبب حبة بصل تُدمِع عينيه، فيدور في مطبخه كما يدور ديك جريح حول نفسه، يمسح دموعه متأثرا، وقد لا ينسى ذلك طوال نهاره، وإذا مر على صور القتلى والجرحى وأشلاء الغزيين في فلسطين المذبوحة، وأشلاء الأطفال والنساء والكهول في محرقة لم يعرف التاريخ لها مثيلا، مر مرور المتفرج على شاشة تملأ صالون بيته أو مجلسه، حيث الصحب والخلان والعُربان من حوله يقهقهون، ويلعبون ويأكلون، ويهتفون ويرقصون لأجل هدف مباراة رياضية تصنع خلافا عربيا لا يبرأ إلا بعد أعوام، وجع فظيع لم تصنعه حرب داحس والغبراء!. ولو أن امرأة عربية كزرقاء اليمامة عاشت بيننا، لصار أزرق عينيها أسود من هول ما ترى، ولن تحتاج بيننا إلى كحل لكي ترى وتبصر ذلنا وهواننا العربي، فالسموم العربية العربية، ستفقأ عينيها، وترديها قتيلة وضحية، وهي قبل هذا وذاك، لن تنذر قومها، أو أي أحد من عرب حداثة مزعومة مغشوشة، وإنسانية جوفاء، وضمائر ميتة، ونفط يقتل أصحابه، ودين لا يغادر مجالات الوعظ والإرشاد، ونواقض الوضوء، والنافس والحائض، لقد فقأ العدو عيني زرقاء اليمامة، وفتكوا بأهلها وعشيرتها وبها، وليت قوم زرقاء سمعوا وعوا.. ولولا امرأة فلسطينية غَزّية مقاومة، لم تنزع حجابها، ورمت دثارها، وشمرت وقطعت الطريق إلى البناية الأخرى، تحت رصاص القناصة المحتلي، لتنقذ جريحا قنصه الإسرائليون، لولا هذه الشجاعة والبسالة الخارقة لامرأة عربية فلسطينية، سليلة زرقاء اليمامة، وجميلة بوحيرد، وأخريات عظيمات، لولا هذه الشجاعة الخارقة لامرأة عربية، موقفا وشهامة،في زمن الخصي العربي والهوان المر، لما صمدت المقاومة صمودا يُعجز الجيوش، ولما تحققت هذه الإرادة القوية الفذة في غزة، وهي تكبد العدو خسائر غير مسبوقة في تاريخ الصراع والمواجهة بين الفلسطنيين والاحتلال، وبين العرب وإسرائيل، رغم دماء آلاف الشهداء والضحايا والثكالى، وتمرغ غطرسته في حمأ مسنون، والعالم العربي يتفرج ويضحك ويلعب. كم من جبن عربي يحتاجه العرب والمسلمون المعاصرون كي تشبع عقولهم، وأكبادهم وقلوبهم الميتة، وتحيا نفوس طال رقادها، فلربما حيّ الخشب، كما قال ابن باديس المصلح الجزائري، خلال ليل الاستعمار الفرنسي الطويل في الجزائر. ولولا الشاعر العربي المصري الكبير أمل دنقل، رغم أن مصر الكنانة، قد تستقبل مليوني غزي يُخطط لتهجيرهم إلى سيناء مقابل 250 مليار دولار ستدفعها دولة عربية كما يشاع، وذلك أمر مطروح تحت وفوق الطاولة منذ سنوات، إلا أن سيفا عربيا جيدا سينهض من غمده، كما تنهض العنقاء من رمادها الملتهب، أيتها العرافة المقدَّسةْ.. جئتُ إليك.. مثخناً بالطعنات والدماءْ أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ. أسأل يا زرقاءْ.. أسأل عن كراسي عربية تهرول وتجري وراء أوهام لا طائل من ورائها، إلا خيبات عربية وإسلامية متزايدة، يضيق لشدتها صدر الأمة، من المحيط إلى الخليج، وتبكي عليها الملائكة في السماء، ويصرخ من هولها الرضع، ويهلع لها الركع، وتجري سراعا من شدتها البهائم الرتع!.. أسأل عن ضمير عربي ميت منذ قرون، وعن نُخبة ثقافية وسياسية عربية ركنت إلى الكسل والتواطؤ والخيانة والموالاة، أين الموقف وأين ذلك الضمير، وأين الهمة العربية وإيباءٌ تولى، أين الساسة العرب وجيوشهم، والموالاة،؟،أين الموقف وأين الضمير وأين همة العرب وإبائهم، أين منا زرقاء اليمامة التي دعت رزحها وفقدت بصرها، لأجل قومها وعشيرتها،؟. أين منا أطفال الحجارة والميركافا والمسافة الصفر التي أعجزت كبرى المخابرات والاستراتيجيات العالمية،؟. لولا وليت وياليت وأين ؟. مفردات عربية لم تعد تنفع، حتى الفحولة العربية لم تعد تنفع، والأسماء المذكرة في اللغة العربية يجب أن تؤنث على رأي نزار قباني، لقد عاشت زرقاء اليمامة لأجل قومها، ويكافح أهلنا في غزة، ويضحون بالغالي والنفيس لأجل مقدساتنا الإسلامية، ولأجل أقصانا الجريح، ويقاومون ويستشهدون دفاعا عن كرامتنا العربية المهانة المجروحة في قلوبنا وضمائرنا الحية الميتة منذ ألف عام أو يزيد.