20 سبتمبر 2025

تسجيل

استراتيجية الإلهاء

25 فبراير 2016

يكشف المفكر الأمريكي اليهودي، ناعوم تشومسكي عدة استراتيجيات تعتمدها دوائر النفوذ في كثير من دول العالم لأجل التحكّم والتلاعب بالشعوب وتوجيه سلوكهم، والتحكم في الرأي العام قدر المستطاع، وصولًا للهدف الأسمى من الاستراتيجية وهو السيطرة على أفعالهم وتفكيرهم، مستخدمين وسائل الإعلام بالدرجة الأولى، بالتعاون مع عديد المؤسسات.واحدة من أبرز الاستراتيجيات تلك تسمى استراتيجية الإلهاء، التي اعتبرها تشومسكي عنصرًا أساسيًا في التحكّم بالمجتمعات، عبر تحويل انتباه الرأي العام عن المشكلات والقضايا الكبرى المهمة، ويتمّ ذلك عبر كمية كبيرة متواصلة من الإلهاءات المتمثلة في معلومات وأحداث هامشية تافهة.تنبع أهمية استراتيجيّة الإلهاء في أنها ضروريّة لمنع العامة من الاهتمام بالمعارف الضرورية، والدفع نحو تشتيت اهتمامات العامة، بعيدًا عن المشكلات الاجتماعية أو السياسية والاقتصادية الحقيقية، وبدلًا من ذلك يتم توجيه اهتمام الشعب نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقية، وتجعله منشغلًا بتلك التفاهات والهوامش الحياتية، دون أن يكون له أي وقت للتفكير فيما بعد ذلك أو وراء الأحداث.يضيف تشومسكي استراتيجية أخرى تحت عنوان (ابتكر المشكلات ثم قدّم الحلول)، وهذه طريقة تسمّى (المشكلة - رد الفعل - الحل)، حيث تقوم الاستراتيجية على فكرة البدء في ابتكار وإنتاج المشكلة أو الموقف المثير، الذي يُتوقع منه ردود فعل معينة من قبل الشعب، كأن يطالب، ليست بالإجراءات التي هو يريدها، بل تلك التي تريده الحكومة أن يقبل بها.خذ مثالًا في الجانب الأمني لتوضيح الصورة، وذلك عبر ترك العنف في البلد يتنامى ليصبح أقرب إلى الظاهرة على سبيل المثال، أو القيام بتفجيرات دامية بمعرفة الأجهزة الأمنية أو غيرها من أفعال مهددة للأمن، حتى يقوم الشعب بنفسه ويطالب بقوانين أمنية صارمة، وإن كانت على حساب حريته!!خذ مثالًا آخر يتمثل في ابتكار أزمة مالية تثير الشعب وتخيفه، ومن ثم تدفعه إلى أن يتقبل التراجع على مستوى الحقوق الاجتماعية، وعدم اهتمامه بتردي الخدمات العامة، باعتبار أن هناك ما هو أشرّ وأسوأ الآن، ولابدّ من التفرغ له أولًا، وإن الحكومة هي الأعلم بالموضوع بطبيعة الحال!! وهكذا تتنوع تكتيكات تلك الاستراتيجية لحين من الدهر، قد يطول أو يقصر، وإن كانت الإطالة هي الغالبة دومًا.