18 سبتمبر 2025

تسجيل

صيحة إبليس

25 فبراير 2013

أتدرون يا سادة يا كرام ما معنى "صيحة إبليس"؟ إنها الصيحة الجاهلية القبلية والعائلية المرضية والفخيذة العصبية، والتنادي بها وإعلاء صوتها في أي مجتمع، وتقديمها على كل شيء في دنيا الوظائف وفي عالم المؤسسات والمعاملات وفي حركة الحياة. والمؤلم أن البعض منا ينقلها ويسللها إلى أبنائه فيتنادون بصيحة إبليس ويستخدمونها فيما بينهم بالتصريح والتلميح وبالهمز والغمز واللمز في المجالس والمنتديات وفي المدارس. فهذا يقول أسرتي، وذاك يقول قبيلتي، وآخر يقول فخيذتي، ورابع يقول عائلتي، وخامس يقول أنا من بني كذا وكذا — ولا نعمم — ومن فينا يقدم وطنه ومجتمعه وأمته ودينه طبعاً يسبق كل شيء، على العصبية والعائلية والقبلية والمفاخرة، وكلما طفت على السطح وتنادى الناس بـ "صيحة إبليس" تأخر أي مجتمع وبدت الأمور غير طبيعية بين أفراده وتزعزعت منظومة قيمه وتباطأت مسيرة تقدمه وتعطلت مؤسساته.. فاخر رجل من كنانة أبا العتاهية واستطال الكناني بقوم من أهله، فرده أبو العتاهية إلى الميزان الحقيقي والصحيح وإلى منهج الاعتدال، فقال: دعــنـي مـــن ذكــر أبٍ وجــدٍ ونسب يُعليك سور المجد ما الفخر إلاّ في التقى والزهد وطاعة تُعطي جنان الخلد والقاعدة النبوية المعتمدة "دعوها فإنها منتنة" حينما سمعها من رجلين كل منهما يفتخر بالقبلية. فقال لهما وللأمة بل وللبشرية "دعوها فإنها منتنة"، فوأد هذه الصيحة صلى الله عليه وسلم معلم الناس الخير "ما بال دعوى الجاهلية"، ويتساءل البعض: هل تقدمت وتنافست تركيا وماليزيا بالقبلية؟ وهل قامت ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة في نهضتها الصناعية المتعددة على العائلية والعشائرية؟ أم على حبهم لأوطانهم وعلى التنافسية الشديدة وأنهم قادرون على إثبات وجود دولهم وشعوبهم على الساحة العالمية. فهذا هو همهم وعملهم في معترك حياتهم. فهذا هو الانتماء والحرص الحقيقي لوطنك وما تعطيه وتبذله له. بهذا تبنى وتقوم الأوطان. "ومضة" "لا يضرك أن تعتز بنسبك وعائلتك وقبيلتك ولكن الخطأ والخلل أن تعتقد أن ذلك معيار وأساس التفاضل في حركة الحياة والتعالي على الآخرين". نأمل ألا تتكاثر علينا "صيحة إبليس" فنقع في المحظور والإفلاس.