18 سبتمبر 2025
تسجيلقلت لصاحبي: ما هي المنطلقات الفكرية النسوية البيئية؟ قال: نستطيع أن نقول إن النسوية البيئية لا تدعو إلى التماهي مع الطبيعة فقط، بل تذهب إلى أبعد من ذلك، ومن وجهة نظر حقوقية، إلى محاربة كل المؤشرات والمظاهر "الأبوية" التي تستهدف – في رأيهم – الطبيعة والنساء على حد سواء، فالمشكلة لا تكمن في عدوان البشر على الطبيعة، ولكن تكمن بشكل أساسي في مركزية السلطة الذكورية وعدم اكتراثها بأهمية وجود المرأة. شهدت السنوات الأخيرة من القرن الماضي اهتماماً بالغاً بكل من حركة النساء والحركة البيئية وقد حاجج كثير من مفكري النسوية بأن أهداف هاتين الحركتين مترابطة ومتبادلة التآزر، ففي المآل كلاهما يتضمن تطوير نظرته إلى العالم وممارسات خالية من نماذج الهيمنة المنحازة ذكورياً. وقد عبرت عن ذلك روزماري راد فورد في كتابها "المرأة الجديدة.. أرض جديدة" عام 1975 قائلة: "ينبغي أن تدرك النساء أنه ليس بالمستطاع تحريرهن.. فيجب عليهن توحيد مطالب حركتهن مع الحركة البيئية بغية تصور إعادة تشكيل جذرية العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وفي أوائل السبعينيات من القرن المنصرم دافع كثير من النسويين الاكولوجيين عن الموقف الأساسي ألا وهو أن "البيئة" قضية نسوية". وفي الثمانينيات من القرن ذاته مع تصاعد الكوارث البيئية، دخل النسويون في الموضوع البيئي بقوة أكثر، وتصدرت النسوية الهندية فاندانا شيفتيارا نسويا بيئيا ارتفعت شعبته في دول العالم الثالث ومفاد مقولتها: إن المرأة تتعرض لنفس أنماط الاستغلال التي تتعرض لها الموارد الطبيعية بفعل العالم العربي والتطور الرأسمالي كلاهما يشتركان في الاستغلال العالم الغربي يستغل الطبيعية ويحيلها إلى طرف سلبي والرأسمالية تستغل المرأة وتحيلها إلى طرف سلبي. وترى فاندانا أن المجتمع الأصولي كان موجوداً في مواطن شتى من الثقافات البدائية قبل أن يقضى عليه المد الاستعماري واستبدل به المجتمع البطريركي، لأنه الشكل الذي اتخذته الحضارة الغربية المحتلة، مثلما قضى على مساحات شاسعة من الغابات الافريقية بزعم التحديث بالزراعة الممكنة، وفرض أشكال أخرى من تكنولوجيا غير ملائمة تنال من التوازن البيئي بغير داع، ومن أجل انقاذ البيئة، دافعت عن انطولوجيا نسوية يترابط فيها المجتمع بالطبيعة، كمقابلة للانطولوجيا الذكورية الغربية القائمة على الانفصال عن الطبيعة كآخر، فكان ما كان من كوارث استعمارية وبيئية.