18 سبتمبر 2025

تسجيل

العراق يولد من رحم المعاناة

25 يناير 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يقال إن كرة القدم لعبة شعبية مائة بالمائة، ولدت في أحضان الأحياء الفقيرة العالمية ابتداء من البرازيل إلى المغرب مرورا بحواري نابولي. ولهذا أعطت جميع أسرارها لرجال عاشوا الفقر والمعاناة والمتاعب في الصغر مثل مارادونا وبيليه ورونالدو وغيرهم كثيرون. صحيح أن الدول الغنية طورت اللعبة ونجحت في كسر جزء من القاعدة من خلال العلم ومدارسها الكروية، إلا أن الموهبة التي تولد من رحم المعاناة هي دائما التي تسطع وتثبت أن الساحرة المستديرة مرتبطة بالفقر والمعاناة وليست كما يحب أن يصورها "الفيفا" خلال السنوات الأخيرة، بعد أن حولها إلى تجارة مربحة أكثر منها فرجة تنفض الحزن والألم عن أجساد البؤساء حول العالم. ولا أظن ان هناك بلد في العالم عانى الأمرين خلال العقود الأخيرة كما عانت بلاد الرافدين. العراق الذي يرزح في الحزن والألم والمعاناة، ويشتم رائحة الموت والدمار بشكل يومي منذ أكثر من عقدين، بداية من الحصار، مرورا بالحرب، وصولا إلى الإرهاب. بلد أصبح هَمُّ شعبه الوحيد هو أن يخرج إلى السوق ويعود سالما، أن يبعث بأبنائه إلى المدرسة ويستقبلهم في المساء دون أن يمسهم مكروه. شعب يبحث عن قوت يومه بشقاء وهو أحد أغنى دول العالم باحتياطات النفط. شعب سلبت منه بلاده لتتلقفها أيادي المحتل والإرهابيين والطائفيين والعابثين بتاريخ وحضارة العراق. شعب، من المفروض أن آخر همه، في ظل كل هذه الظروف المزرية، أن يلعب كرة القدم أو أي رياضة أخرى، باستثناء الجري وراء لقمة العيش. لكن أهل العراق، الذين تعودوا على الأزمات والمتاعب منذ عهد الحجاج بن يوسف الثقفي حتى عهد صدام حسين، أبوا إلا أن يثبّتوا قاعدة أن النجاح يولد من رحم المعاناة. نعم، فعلها أسود الرافدين وضربوا جميع التوقعات عرض الحائط، عندما قدموا أداء رائعا في كأس أمم آسيا، ليفجروا المفاجأة الكبرى عندما نجحوا في إقصاء المنتخب الإيراني وحجز مقعد ضمن الأربعة الكبار في البطولة، وعينهم على النهائي، ولما لا الكأس الغالية، تماما كما فعلوا سنة 2007. في حين أن منتخبات عربية أخرى تتوافر لها كل الإمكانيات وتنعم بلدانها بالأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي، لكنها عادت من البطولة بخفي حنين، بعد أن فشلت في الفوز ولو في مباراة واحدة. فهل يجب أن تعيش جميع دول العالم العربي وضع العراق حتى يتحمس لاعبوها ويبدعوا كرويا؟ حمى الله أمتنا العربية والإسلامية من كل مكروه وسدد خطى أشقائنا العراقيين في هذه البطولة، حتى ينسى شعب بلاد الرافدين الألم والمعاناة ولو للحظات ويعيشوا مثل باقي شعوب العالم نشوة الانتصار بعدما حرموا من تذوقها لسنوات عجاف.