19 سبتمبر 2025
تسجيلألم يلحظ أحدكم يوماً أن كثيرين منا، الراغبين في الإصلاح والتغيير، أن الحماسة تبلغ بهم مبلغاً عظيماً الى درجة أنك تتخيل حينها أنهم يرغبون في تغيير العالم كله، ولكن مع ملاحظة مهمة جداً أنهم وهم في طريق تغيير العالم، نسوا أنفسهم! نسى أولئك الراغبون في تغيير ما حولهم أن أنفسهم أولى بالتغيير والإصلاح، بل إن النفس أجدر بالبدء في تعديلها وتغييرها نحو الأفضل، حتى إذا ما تم ذلك، يمكن للراغب في تغيير ما حوله، أن ينطلق تدريجياً في تحقيق هدفه، وحينها ستكون مصداقيته أكبر بكثير مما لو أنه بدأ في دعوة غيره للتغيير والتعديل وهو نفسه لا يزال كتلة متحركة من الأخطاء والشوائب التي بحاجة للتعديل أولاً.. تلك نقطة أولى.النقطة الأخرى هي أن الحياة جميلة، كما خلقها المولى عز وجل، وهي رائعة لو أن أحدنا أحسن استثمار ما في هذه الحياة من جماليات وروائع النعم المتنوعة. لكن الإشكالية أن كثيرين منا لا يرى ما حوله من تلك الجماليات وروائع الأشياء، بل تجد تركيزه وقد انصبّ على بعض هوامش الحياة السلبية وبعض سيئات الأمور والأشياء، فيعتقد أن الحياة هي تلك الهوامش وسيئات الأمور، وهي بالمقارنة مع الجوانب الأخرى المضيئة، لا شيء بحسابات النسب المئوية، وهذه اشكالية لابد من علاجها عند أي أحد عنده تلك الرؤية ويرغب في الوقت نفسه من تصحيح مسار الآخرين وتغييره.حاول دوماً أن تتأمل حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: "من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها". ففي هذا الحديث كل معاني الإيجابية التي بها يمكن لأي أحد منا يرغب في تعديل وتصحيح أوضاع غيره أن ينطلق منها. إن مجرد استشعارك بالأمن والأمان وامتلاك قوت يومك مع التنعم بالعافية، هي بمثابة سعادة الدنيا قبل الآخرة، والسعيد دوماً يمتلك طاقة هائلة من الإيجابية تمكنه من عمل الكثير بل والإبداع في عمله، فكيف لو أن هذه المشاعر توفرت عند المصلحين والراغبين في تغيير الآخرين وما حولهم؟ لاشك أن عملهم سيكون رائعاً وعظيماً.